وتنشأ معه ، ولكن تبقى حتى بعد زوال هذا المقتضي ، وفرض بقاء الحرارة «الأثر» بعد زوال المقتضي «شرب الدواء» أمر مفروغ عنه ، ولم يستشكل فيه أحد ، كالبنّاء الذي يبني ، ثم يموت ، ويبقى البناء محفوظا بقانون جاذبية الأرض ، وتماسك أجزاء البناء ، فكذلك الدرجة الحرارية «الأثر» فإنه حدوث ينشأ مقارنا مع شرب الدواء ، بينما بقاء الحرارة يحفظ بقانون جاذبية البدن.
ثم إن هذه «الأثر» تبقى إلى زمان الشرط ، «التمشّي» فتؤثر في صحة البدن ، التي هي ملاك الواجب ، وبهذا يكون المقتضي لصحة البدن هو الأثر «الحرارة» مع الشرط «التمشّي» ، فتكون الصحة معلولة لأمرين مجتمعين في وقت واحد ، فلا يلزم نشوء متقدّم من متأخر ، ولا تأثير متقدم في متأخر ، وبهذا يعرف أن منشأ إشكال الشرط المتأخر هو إسقاط الحلقة المفقودة في الوسط ، أي افتراض أن مقتضي الملاك هو شرب الدواء ، وهذا بخلاف ما لو فرض أن شرب الدواء «المقتضي» يشكل علة للحرارة ، ثم إن الحرارة مع التمشّي «الشرط» يشكلان جزءين متعاصرين من علة واحدة.
وهذا شيء يكاد يكون مطردا في كل مقتضي يظهر أثره ، رغم كون ذلك المقتضي مشروطا بشرط متأخر.
وبهذا ندرك وجود حلقة مفقودة تكون هي مع الشرط المتأخر المقتضي للمصلحة المطلوبة ، وليس ما سمّي بالمقتضي الذي هو شرب الدواء ، وإنما هذا المقتضي مجرد موجد للأثر الذي شكّل مع معاصرته للشرط المتأخر ، تمام العلة في وجود الملاك. إذن فمتى وجدنا شيئين أحدهما ينتج عن الآخر ، رغم كونهما غير متعاصرين ، نستكشف لا ، محالة ، الحلقة ، المفقودة ، وبذلك لا يبقى بحسب الحقيقة شرط متأخر ، وإنما يوجد عند ما نسقط حلقة في الوسط من حلقات التسلسل السببي.
فإذا بنينا على هذا في الأمور التكوينية ، فليكن الأمر التعبدي المولوي بالصوم المشروط بغسل متأخر عنه من هذا الباب ، إذ يمكن للمولى في مقام الجعل أن يجعل وجوبه متعلقا بالدواء مع التمشي ، وإن كان المحصّل الحقيقي