الجهة الثامنة
الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته
والذي ينبغي أن يقال في هذا المقام ، هو أن الوجوب له ثلاث مراحل :
أ ـ عالم الملاك ، أو عالم المصالح والمفاسد.
ب ـ عالم الشوق والحب والبغض.
ج ـ عالم الجعل والإنشاء والاعتبار.
وفي المقام ، لا ينبغي إدخال العالم الأول في النزاع والخلاف ، إذ لا ينبغي الخلاف في أنّه لا يوجد ملاك نفسي للمقدمة ، وإلّا لكان خلف كونها واجبا غيريا ، كما أنّه لا معنى لأن يقال : إن وجود مصلحة في ذي المقدمة يستوجب مصلحة نفسية في المقدمة ، كما أنه لا إشكال في وجود مصلحة غيرية في المقدمة ، وهي تسهيل الوصول إلى ذيها ، إذن فالملاك النفسي في المقدمة مقطوع العدم ، وإنّما ينحصر الخلاف في العالمين الآخرين في الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته ، وحينئذ يقال :
إن الصحيح هو عدم وجود ملازمة بين الوجوبين في عالم الجعل والإنشاء والاعتبار ، وذلك لأن الملازمة المدّعاة ، تارة تدّعى بنحو الاستتباع القهري ، من قبيل استتباع الإحراق للإلقاء في النار ، وأخرى تدّعى الملازمة بمعنى كون أحد الأمرين يحقق داعيا ومناسبة للّازم الآخر ، من قبيل أن يزور زيدا فتكون هذه الزيارة داعيا لأن يزور أباه من دون استتباع قهري.