سلكنا مسلكا آخر ، وحينئذ ، البرهان الأول تكفّل بإبطال أحد شكلي هذه المانعيّة ، لأنّ إبطال مانعيّة الضد كان بنكتة أنه في طول مانعيّة مقتضيه ، وعليه لا يمكن مساهمته في المانعيّة.
وهنا لا بدّ من الانتقال إلى مانعيّة المقتضي ، لنرى أيّ مانعيّة هي ، بحيث يكون الضد الواقع في طولها ، عاجز عن المساهمة في التأثير ، وأنه هل هي المانعيّة بالشكل الأول ، أو المانعيّة بالشكل الثاني.
فمثلا مقتضي السواد : هل يمنع عن وجود البياض في ظرف وجود السواد؟ أو أنه يمنع عن وجود البياض الذي ليس معه سواد؟.
ومن الواضح ، أنّ مقتضي السواد لا يمنع عن البياض الذي معه سواد ، لأنّ مقتضي السواد لا يهمّه إلّا وجود السواد ، وأن لا يستبدل السواد بالبياض ، وحينئذ فلو فرض في الخارج ، إمكان اجتماع الضدين ، إذن لما كان اقتضاء في مقتضي السواد يقتضي عدم وجود البياض ، وإنّما كان اقتضاء السواد يمنع عن استبدال السواد بالبياض ، إذن فمقتضى السواد مانعيّته مانعيّة عن وجود السواد مقيّدا بعدم البياض ، لا عن وجود السواد مقيدا بالبياض.
وحينئذ إذا أتينا إلى الضد الذي هو في طول هذه المانعيّة ، فتارة نريد أن ننسب له نفس تلك المانعيّة ونقول : بأنّ الضد ، وهو السواد ، يمنع عن وجود البياض في ظرف عدم السواد ، وتارة أخرى ننسب إليه المانعية عن الوجود الانضمامي لا الانفرادي ، فنقول : إنّ السواد يمنع عن انضمام البياض إليه ، إذا ادّعي بأنّ السواد مانعيّته مانعيّة عن الوجود الانضمامي للبياض ، فمثل هذه المانعيّة لا يمكن إبطالها بالبرهان الأول ، لأنّ وجود الضد ليس في طول مانعيّة المقتضي عن الوجود الانضمامي للبياض ، لما قلناه ، من أنّ مقتضي السواد ليس له أصلا ، مانعيّة عن الوجود الانضمامي.
إذن فالبرهان على عدم ثبوت المانعيّة هو برهان آخر.
والبرهان على طوليتها ، يكون إمّا «الدور» وإمّا «الاستحالة» ، فإذا ثبت