تقدير. إذن فمعنى المطلق بلحاظ الملاك ، هو الحاجة الفعلية الثابتة على كل تقدير ، ومعنى المشروط بلحاظ الملاك هو الحاجة غير الموجودة إلّا بوجود شيء ، كالبرودة ، فيسمّى ذاك الشيء شرطا في الملاك دون أن ينازع أحد في هذا.
وأمّا الواجب المشروط بلحاظ مرحلة الإرادة والشوق ، المرحلة الثانية ، فإنه لا إشكال في وجود إرادة مشروطة وإرادة مطلقة ، كإرادة شرب الدواء مشروطة بظهور المرض ، وإرادة الطعام مطلقة غير مشروطة بالمرض.
ولكن وقع النزاع في كيفية تخريج وتفسير هذه الإرادة المشروطة ، وبأي نحو يكون وجودها ، فهنا نظريات في تفسيرها وتمييزها عن الإرادة المطلقة.
النظرية الأولى :
وهي المنسوبة إلى تقريرات الشيخ الأعظم (١) (قده) وحاصلها :
وإنّ الإرادة المشروطة من حيث هي إرادة غير مشروطة ، بل هي إرادة كاملة الفعلية من دون فرق بينها وبين ما يسمّى بالإرادة المطلقة من حيث الفعلية والتحقق ، فكلتاهما إرادة فعلية موجودة في أفق نفس المريد بالفعل ، فإرادة شرب الماء ، أو الطعام ، هي كإرادة شرب الدواء المسمّاة بالإرادة المشروطة ، كلتاهما إرادة ، ولا فرق بينهما من ناحية الفعلية والتحقق ونحو الوجود ، وإنما الفرق بينهما من ناحية المتعلق ، فالإرادة المطلقة : إرادة فعلية متعلقة بوجوب شيء غير مقيد بتقدير من التقديرات ، بينما الإرادة المشروطة هي أيضا إرادة فعلية ، لكنها تعلقت بوجود شيء مقيّد بتقدير من التقديرات ، كشرب الدواء عند وجود المرض ، فهذه «العندية» أخذت قيدا في المراد ، لا في الإرادة.
فإن قيل : إن هذه «العندية» إذا كانت مأخوذة قيدا في المراد ، إذن فيلزم
__________________
(١) مطارح الأنظار : الأنصاري ج ١ ص ٤٤.