بترك الخطاب «بالأهم» ، أي : «الإزالة» ، ويرتفع بالامتثال. والقائلون بامتناع الترتب ، يقولون أنّ الخطاب لا يرفع موضوعه إلّا بتنجز الخطاب الآخر.
فالقيد المعقول بأحد الخطابين هو عدم الامتثال ، بينما المعقول عند القائل بامتناع الترتب ، هو عدم التنجز ، فيكون مورد التزاحم من النحو الخامس ، وبناء على عدم الترتب يكون من النحو الرابع.
وبهذا يتضح ممّا حقّقناه في الجهة الثانية ، أن كلا من القائلين بإمكان الترتب ، وبامتناعه ، كلاهما يلتزم بأن أحد الخطابين المتزاحمين مقيّد.
ولكن القيد المقترح من قبل القائلين بإمكان الترتب ، هو عدم امتثال الخطاب الآخر بعد فرض تنجّزه. أمّا القائلون بامتناع الترتب فإنهم يرون عدم الاكتفاء بذلك ، لأنه يلزم منه الجمع بين الضدين لو لم يمتثل أحدهما ، وإنّما لا بدّ معه أن يكون مقيدا بعدم وصول وتنجز خطاب «أزل» ، لأنه بمجرد وصوله وتنجّزه يرفع خطاب «صلّ» ، فإذا لم يكن خطاب «أزل» واصلا ومنجزا ، حينئذ يكون خطاب «صلّ» فعليا إذن.
وهنا قد يقال : بأننا قد ذكرنا في الجهة الأولى ، أنه بناء على امتناع الترتب يدخل الدليلان في باب التعارض الذي جعلناه ثمرة إمكان الترتب أو امتناعه ، إذن فخطاب «صلّ» و «أزل» متعارضان ، فلا بدّ من معاملتهما معاملة المتعارضين. والمتعارضان ليس البناء فيهما أن يكون الوصول وعدمه كافيا ، بل هما متعارضان بوجودهما الواقعي ، سواء وصلا أو لم يصلا ، ومثاله : خطاب «صلّ» ولا «تغصب» فإنه بناء على اجتماع الأمر والنهي ، ووقوع التعارض بينهما ، يقال : بأن هذين الخطابين متعارضان وصلا أم لا ، تنجزا أم لا ، فمثلا : لو فرض أن إنسانا صلّى في المغصوب صلاة غصبيّة ، ولكنه لا يعلم بأنها غصبيّة ، مثل ذلك لا يقال فيه بأن خطاب «صلّ» فعلي في حقّه وقد صلّى ، بل هنا خطاب «صلّ» ، وخطاب «لا تغصب» متعارضان في تمام مادة الاجتماع بينهما ، وصلا معا ، أو وصل أحدهما ، وكذلك الصلاة في الحمّام ، إن كانت الصلاة محرمة فيه ، فإنه يقع التعارض بينهما ، فإذا قدّمنا خطاب «لا