تعارض بينهما بلحاظ عالم المبادئ ، لأنّ الأمر بالصلاة يقتضي حرمة الإزالة ، وكذا العكس ، وهذا خطابه من قبيل «صلّ ولا تصلّ».
لكن إذا لم نقل باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده ، فإنه حينئذ لا يقع تعارض بينهما.
وأمّا بلحاظ المركز الثاني ، أي : عالم الامتثال ، فإنه أيضا لا يقع تعارض بين الخطابين ، بناء على أن يكون خطاب «صلّ» مشروطا بعدم وصول وتنجز خطاب «أزل» ، وذلك لأنه كلما كان خطاب «أزل» واصلا فخطاب «صلّ» لا موضوع له ، لأنّه مقيّد بعدم وصول خطاب «أزل» بناء على عدم الترتب ، والمفروض أن خطاب «أزل» واصل ، إذن فخطاب «صلّ» لا موضوع له ، وكلما كان خطاب «أزل» ، غير واصل ، إذن يكون خطاب «صلّ» واصلا ، إذن فخطاب «أزل» لا يستحق الامتثال ، ومعنى كونهما هكذا أنهما ليسا عرضيّين كي تحصل المشاحنة بينهما بلحاظ عالم الامتثال والاستحقاق.
وأمّا بلحاظ المركز الثالث ، أي : عالم مدلول الخطاب ومفاده ، وهو الجعل والحكم ، فهنا نقول : إنه إذا قلنا إنّ مدلول الخطاب الشرعي يتمحض في كونه أمرا اعتباريا على المكلف ، كما ذهب إليه السيد الخوئي «قده» ، فإنه حينئذ بناء على هذا ، لا تعارض بينهما ، إذ لا بأس بالجمع بين الخيالين والاعتبارين ، ومن هنا قيل : إنّ القدرة ليست شرطا أصلا في المبادئ ، إذن فلا تعارض بين المطلبين ، فيتقيّد أحدهما بوصول الآخر ، وبه يتم المطلب بأنه لا تعارض أصلا.
وبناء على مسلك الاعتبار ، يكون الفرق بين موارد التزاحم والتعارض المصطلح ، هو أنه كان كله تعارضا ، غايته أنّه هناك ، كان تعارضا بلحاظ مادة الاجتماع بوجودهما الواقعي ، وهنا كان التعارض بلحاظ عالم الاستحقاق والامتثال ، فيرتفع التعارض هذا بين الخطابين بعدم تنجز الخطاب الآخر ، هذا فيما إذا كان مدلول الخطاب متمحضا في كونه أمرا اعتباريا.