الجمع ، أحدهما مبني على أن رتبة الحكم الظاهري متأخرة ، وفي طول رتبة الحكم الواقعي ، لأنّ الحكم الظاهري أخذ في موضوعه الشك في الواقع.
وسنخ ذلك نطبّقه هنا لرفع التنافي بين الأمر بالمهم ، والأمر بالأهم.
وقد قرّب هذا المسلك بعدة وجوه :
* ١ ـ الوجه الأول : هو ما نقله المحقق الأصفهاني «قده» (١) عن بعض القائلين بإمكان الترتب ، وحاصله : إنّ الأمر بالمهم حيث أخذ في موضوعه ترك الأهم أو عصيانه ، إذن فهو في طول ترك الأهم ، إذن فهو متأخر رتبة عن ترك الأهم ، والحال إنّ ترك الإزالة هو نقيض الإزالة ، فهو في رتبة الإزالة ، إذن فما هو متأخر عن ترك الإزالة ، هو متأخر عن الإزالة ، وفعل الإزالة متأخر عن الأمر بالإزالة تأخر المعلول عن العلة ، وحينئذ ، فهذا معناه أن اقتضاء الأمر بالإزالة واقع في مرتبة ، واقتضاء الأمر بالصلاة واقع في مرتبة أخرى ، إذن فالاقتضاء في مرتبتين ، إذن فالأمر بالأهم له اقتضاء في مرتبة ذاته أو وصوله ، وهذا الاقتضاء لا يزاحمه أيّ شيء ، وبعد أن ننتهي إلى مرتبة وجود المعلول فعلا أو تركا ، ثم ننتهي إلى فعليّة الأمر بالصلاة ، فلا اقتضاء للأمر بالأهم ، وإنّما الاقتضاء في مرتبة سابقة على وجود معلوله.
وإن شئت قلت : إنّ الأمر بالمهم في طول ترك الأمر بالأهم ، فهو متأخر رتبة عن الأمر بالأهم ، فيكون اقتضاؤه الإتيان بالمهم في غير مرتبة اقتضاء الأمر بالأهم ، بل هو في رتبة متأخرة ، وذلك لأنّ الأمر بالمهم مترتب على ترك الأهم ، وترك الأهم في رتبة فعل الأهم ـ لأننا نقول : بأنّ النقيضين في رتبة واحدة ـ والمفروض أن فعل الأهم متأخر عن الأمر بالأهم ، وعن اقتضائه ، لأنه معلول له ـ إذن فيكون الأمر بالمهم واقتضائه لفعل المهم ، متأخرا عن الأمر الأهم واقتضائه ، وبهذا تنحل المنافاة بينهما ، ويرتفع المحذور.
__________________
(١) نهاية الدراية : الأصفهاني ـ مجلد أول ج ٢ ص ٥٣ ـ ٥٤.