أمّا نقضا : فلأنه لو تمّ هذا الأصل الموضوعي لجرى في سائر التكاليف ، وللزم أن يكون امتثال كل تكليف متأخرا عن زمن توجه الخطاب ، ومعنى هذا هو الالتزام بالواجب المعلّق ، أي : الالتزام بالانفكاك بين زمن الباعث وزمن الانبعاث ، حيث يكون زمان الواجب متأخرا زمانا بنحو الواجب المعلّق ، والمشروط بالشرط المتأخر حيث أن القدرة على الواجب في ظرفه ، شرط للتكليف المتقدم في كل واجب معلّق ، وحينئذ يقال في الجواب إنّ التزمتم بهذا الأصل ، وما يلزم منه في ساير التكاليف ، التزمنا به في مقامنا أيضا.
وقد عرفت أنه لا ضير في استلزام الواجب المعلق للشرط المتأخر ، فلا نعيد.
وأمّا حلا : فنجيب بحل التقريبات التي قرّب بها المحقق الخراساني (١) الأصل الموضوعيّ هذا ، حيث ذكر في «الكفاية» في الواجب المعلق ، أنّ الأمر يكون بداعي جعل الداعي في نفس المكلّف نحو الامتثال وهو بحاجة بل موقوف على تصور وتصديق بالفائدة ودفع الموانع ، إذن فيحتاج إلى زمان ، ومعنى هذا ، أنّ الامتثال متأخر عن توجه الخطاب والأمر.
أو فقل : إنّ امتثال الأمر يكون موقوفا على حصول مبادئه من التصور والتصديق بالفائدة والجزم والعزم ، وهي أمور تحتاج إلى زمان ، فتحققها يستلزم سبق زمانها على زمن الأمر ، إذن فلا بدّ من تأخر الأمر عن تحقق الداعي لامتثاله.
ودفع هذه التقريبات وحلّها هو أن يقال أولا : إنّ هذه المقدمات والمبادئ ، يمكن أن تكون مطوية قبل توجّه الخطاب والأمر ، إذ يمكن أن يحصّلها ضمنيا بمجرد توجه الخطاب ، إذن فلا يحتاج نظره فيها إلى زمن
__________________
(١) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٦٣ ـ ١٦٤ ـ ١٦٦.