الغيري عليه من محبوبه الفعلي الذي هو المقيّد ـ الكفارة ـ مع أنه لا يحب هذا القيد ـ الإفطار عمدا ـ بل يكرهه أشدّ الكرة. إذن فإرجاع القيود والشروط للمراد مع الالتزام بفعلية الإرادة ، يتولد منه محذور ترشح من الشوق الفعلي النفسي المتعلق بالمقيّد إلى قيده ، ولا يعالج هذا المحذور بكون القيد قد أخذ بوجوده الاتفاقي ، لأن أخذه بوجوده الاتفاقي يمنع عن الإلزام به من قبل المولى ، ولكن لا يمنع عن اشتياق المولى ، وحبّه تكوينا لمحبوبه ، وقيد محبوبه ، لأن من أحبّ المقيد اشتاق إلى قيده وأحبّه ، وبهذا يتضح بطلان هذه النظرية.
النظرية الثانية :
وهي للمحقق العراقي (١) (قده) فقد ذهب إلى أن الإرادة المشروطة كالمطلقة ، كلتاهما موجودة بوجود فعلي قبل وجود الشرط خارجا ، فهي كما هو الحال في النظرية الأولى من الوجود الفعلي قبل تحقق الشرط خارجا ، ولكنها تختلف عن الأولى في أن الإرادة المشروطة فيها تكون موجودة بوجود فعلي ، وقبل وجود الشرط خارجا ، لا لأنها مطلقة والقيد فيها راجع إلى المراد كما في الأولى ، وإنما وجودها الفعلي لأنها مشروطة ومنوطة بلحاظ القيد ـ الاستطاعة ـ ووجوده الذهني في أفق نفس المولى ـ لا وجود القيد ـ الاستطاعة ـ خارجا ؛ ولحاظ القيد ـ الاستطاعة ـ موجود بالفعل حين فعلية الإرادة أيضا (٢). إذن ، فكلتا النظريتين توافق الأخرى على الوجود الفعلي للإرادة قبل تحقق الشرط ، غايته أن وجودها الفعلي مطلق ، وغير منوط بشيء في الأولى ، ووجودها الفعلي في الثانية منوط بشيء متحقق حين فعلية الإرادة ، وهو لحاظ الشرط والقيد وهو متحقق وفعلي قبل تحقق الشرط
__________________
(١) بدائع الأفكار : الآملي ج ١ ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ ـ ٣٤٢.
مقالات الأصول : العراقي ج ١ ص ١٠٥ ـ ١٠٦ ـ ١٠٨.
(٢) وعليه فمن الواضح أن فاعلية الإرادة الفعلية تكون مشروطة عقلا بتحقق الشرط خارجا في كلتا النظريتين ، ولعلّ هذا هو منشأ الخلط بين الفعليتين.