يكون وجودا مسامحيا وبالعناية ، من قبيل وجود المطر في الذهن ، ويمكن أن يكون وجود واحد حقيقيا لشيء ، ومسامحيا لشيء آخر ، كتصورنا للمطر ، فإنه وجود حقيقي للمتصوّر الذهني ، ولكنه وجود مسامحي بالنسبة للأمر الخارجي ، وكل وجود بالنسبة إلى ما هو موجود به بالحقيقة ، يستحيل أن يكون بينهما فرق ، لأن وجود كل شيء هو عين ذلك الشيء ، وعليه فيستحيل أن يكون الوجود فعليا لكن الموجود تعليقي ، ولكن هذا يمكن تعقّله في الوجود النفساني للشيء من قبيل أن نتصور في الذهن مطر الشتاء الآتي ، فهنا الوجود للمتصوّر فعلي ، ولكن الموجود تعليقي ، إذ لو لم يكن الموجود تعليقيا ، بل كان هو عين وجوده في الذهن ، إذن فمعنى هذا أن المطر يهطل في ذهننا عند تصوره للمطر. وعلى هذا الأساس نقول : إن الإرادة حيث أنها من الموجودات الحقيقية ـ لأننا نتكلم عن واقع انقداح الشوق في النفس ـ فيستحيل إذن أن يكون وجود الإرادة فعليا والموجود معلّقا.
ولا يقاس هذا على الوجودات الاعتبارية ، إذ يمكن فيها تصور وجود المطر القادم في الذهن ، لأنه وجود اعتباري مسامحي وهو غير الموجود ، ولكن هنا في الموجودات الحقيقية ، الوجود الحقيقي هو عين الموجود ، والصحيح في تفسير حقيقة الإرادة المشروطة هو أن يقال : إنّه في جميع موارد الإرادة يوجد إرادتان :
١ ـ الإرادة الأولى : هي إرادة الفعل ـ شرب الماء ـ وهي ليست موجودة بوجود فعلي ـ وإنما وجودها الفعلي يكون بعد وجود شرطها ، أو التصديق بوجوده خارجا ، كما لو تحقق وجود العطش ، أو التصديق بوجوده خارجا ، فإن كان الشرط عطشه هو نفسه ، إذن فهو يحسّه ويشعر به ، وإن كان الشرط عطش ابنه ، فهو فرع إحساسه بعطش ابنه وإحرازه واعتقاده ، وإلّا فقبل اعتقاده وإحرازه لعطش ابنه ، ليس في نفسه شوق إلى تحصيل الماء. إذن فلا وجود فعلي للإرادة قبل تحقق الشرط بنحو من الأنحاء المذكورة في النظريات الثلاثة ، وذلك لما ذكرنا من أن الشوق الحقيقي إلى شيء هو فرع ملاءمة قوى