الفعل ، وهذا فرع عدم إقدام عمرو ، وهذا فرع عدم الداعي عند عمرو ، وهذا فرع إقدام زيد ، فيصير إقدام زيد موقوفا على إقدام زيد ، وهو دور.
وحيث أنه فرض في الوجه الثاني لتقريب إشكال الدور شخص واحد أمامه فعلان ، وفي مثله يعقل وجود الداعي عنده نحو الجامع ، بالنحو الذي تقدم ، ولكن هذا الجواب لا يتمّ هنا ، حيث أنه في هذا التقريب فرض شخصان أمامهما فعل واحد ، ولذلك ذكرنا في مستهل هذا التقريب بهذا الفرض ، أننا بحاجة إلى جواب آخر.
وحاصل الجواب هنا بحيث يرتفع هذا الإشكال ، هو أن يقال : إنّ ما ذكر من الدور في هذا الفرض ، ليس دورا حقيقة ، وإن كان يرجع إلى محذور يشبه الدور إذ فعل الصلاة هنا ، لا يتوقف على فعل الصلاة.
وتوضيح ذلك ، هو : إنّنا لو فرضنا عدم وجوب الاحتياط في الشّبهات الموضوعية ، فحينئذ لا يكون فعل الصلاة موقوفا على وجود الأمر بالصلاة ، بل يكون موقوفا على إحراز الأمر بالصلاة ، بحيث أن هذا المكلف إذا لم يحرز ذلك الأمر ، يمكنه أن يجري البراءة في المقام ، حتى لو كان هذا الأمر موجودا في الواقع.
وبناء عليه ، يكون فعل الصلاة موقوفا على إحراز الأمر بها ، ويكون إحراز الأمر بها موقوفا على إحراز موضوعه ، وهو إحراز ترك الإزالة ، وإحراز ترك الإزالة يكفي فيه عدم إحراز ترك الصلاة ، فينتج أنّ فعل الصلاة يتوقف بهذه الوسائط على عدم إحراز تركها ، أي على عدم العلم بفعل الصلاة ، بحسب الفرض ، لا على فعل الصلاة نفسه.
وهذا بالدقة ، وإن لم يكن دورا ، ولكنه محذور ، لأنه إذا فرض كون فعل الصلاة منوطا بعدم العلم بتركها ، فمعنى هذا ، أنّ هذا المكلف قبل أن يصلي ، لا بدّ وأن يحدث عنده عدم العلم بتركها ، فيكون وقوعها فرع عدم إحراز عدمها ، مع أنّ عدم إحراز عدمها فرع وقوعها.