وهذا يدفع بما ذكرناه سابقا في الجواب.
وإن شئت قلت : إنّ العلم وعدم العلم بالشيء ، يكون دائما في نظر صاحبه بنحو كأنّه يرى المعلوم شيئا مفروغا عنه في مرتبة سابقة ، يعرض عليه العلم وعدم العلم ، ومن هنا كان يستحيل أن يعلم شيئا ، فضلا عن احتماله متقوما بذلك العلم أو الاحتمال ، ومن هنا كنّا نقول باستحالة أخذ العلم بالحكم في موضوع شخصه ، لا على أساس الدور ، ولكنه مستحيل بنكتة استحالة الدور.
وهذا المحذور غير موجود في التقريب الآخر للدور المنقوض به ، فهو ليس بدور حقيقة أيضا ، وذلك لأنّ إقدام زيد فرع إحرازه لعدم إقدام عمرو ، وعدم إقدام عمرو فرع عدم إحرازه لإقدام زيد ، فيرجع إلى أنّ إقدام زيد فرع عدم علم عمرو بعدم إقدام زيد.
وهذا لا محذور فيه ، لأنّ الفاعل هنا غير العالم هناك ، إذن فلا محذور في هذا التقريب الآخر.
والخلاصة ، هي : إنّه مع فرض كون الفاعل لا يحتاط ، حينئذ يكون إقدامه على الفعل موقوفا على علمه بعدم علم الآخر بإقدامه ، وليس في هذا محذور ، إذا الموقوف غير الموقوف عليه.
وكذلك لو طرح الدور بصيغة أنّ فعل الصلاة عند من لا يحتاط ، موقوف هذا الفعل على الداعي ، وهو موقوف على العلم بالأمر ، وهو موقوف على العلم بترك الإزالة المتولد إمّا من نفس ترك الإزالة ، أو من العلم بعدم الداعي إلى الإزالة ، فأمّا على الأول : فيكون كلا من الفعلين متوقفا على عدم الآخر كما عرفت ، وأمّا على الثاني : فيكون كلا من من الداعيين متوقفا على عدم الآخر ، وكلما كان توقّف شيئين أحدهما على عدم الآخر ، لزم الدور.
قلنا : لو طرح بهذه الصيغة ، فأيضا يكون جوابه ما تقدم ، من أن الداعي إنّما ينقدح نحو الجامع ، بينما في التقريب الجديد ، لا يأتي مثل هذا ، ، لأن