غاية ما هنالك ، هي أن يصبح إقدام أحدهما موقوفا على علمه بعدم علم الآخر بإقدامه ، وليس موقوفا على عدم إقدام الآخر.
وعلى أيّ حال ، فقد ثبت أنه لا محذور في الترتب من الجانبين ، بل قد يقال : بأنّ الترتب من الجانبين أوضح إمكانا من الترتب من جانب واحد ، وذلك لأنّه ، في مقام بيان إمكان الترتب من جانب واحد ، احتجنا إلى بيان عدم مزاحمة الأمر بالمهم للأمر بالأهم ، بلحاظ لزوم الدور ، واحتجنا لبيان عدم مزاحمة الأمر بالأهم للأمر بالمهم ، بلحاظ محذور آخر غير الدور ، فكان القول بإمكان الترتب من جانب واحد ، مبنيا على التصديق بكلا البرهانين المذكورين.
بينما في إمكان الترتب من الجانبين ، لا نحتاج فيه إلّا إلى التصديق ببرهان الدور فقط ، لأنّ كلا من الأمرين مشروط بترك الآخر ، وعليه فمانعيّة كل منهما عن تأثير الآخر يكون دوريا ، وإن كنت قد عرفت بطلانه.
وعليه ، فالقول بإمكان الترتب من الجانبين ، هو أخفّ مئونة من القول بإمكانه من جانب واحد.
* ٩ ـ الجهة التاسعة : من الجهات التي تبحث في الترتب ، وهي : ما أثير في بعض الأبحاث الأصولية ، حول تطبيق بعض الفروع الفقهية ، وتخريجها على أساس الترتب ، كالحكم بصحة الإتمام في موضع القصر مع الجهل ، وإن انكشف الخلاف ، وكالحكم بصحة الصلاة الجهرية في موضع الإخفاتية ، وكذا العكس مع الجهل ، وإن انكشف الخلاف ، إذ قد أشكل على ذلك ، فقيل : إنّ صحة الصلاة متفرعة على مطابقتها للأمر ، والمفروض أنها مأمور بها إخفاتا ، في حين أنه أتي بها جهرا ، فيكون ما أتى به لم يتعلّق به الأمر ، وما تعلّق به الأمر لم يأت به.
وقد أجيب عن هذا الإشكال بعدة أجوبة ، كان من جملتها ، ما نقل عن الشيخ كاشف الغطاء «قده» (١) وخلاصته : هو الالتزام بوجود أمرين على نحو
__________________
(١) كشف الغطاء : عن خفيات مبهمات الشريعة الغراء. ص ٢٧٨.