الترتب فيقال : بأن أحد الأمرين متعلق بالصلاة جهرا واقعا ، والأمر الآخر متعلّق بالإخفات على تقدير ترك الجهر ، وكذا العكس ، حيث يكون الترتب من الجانبين.
وقد استشكل غير واحد من القائلين بإمكان الترتب ، بعدة إشكالات ، نذكر أهمّها :
١ ـ الإشكال الأول : وهو ما ذكره المحقق النائيني «قده» (١) ، وحاصله : أنّه يشترط في معقولية الترتب بين الأمرين بالضدين ، أن يكون الضدان من الضدين اللذين لهما ثالث ، كالصلاة ، والإزالة ، فإنّ لهما ثالث وهو الأكل مثلا ، إذ هنا يمكن للمولى أن يعمل مولويته فيأمر بالصلاة على تقدير ترك الإزالة ، لأنّ المكلّف على تقدير مستوى القراءة الجهرية والقراءة الإخفاتية ، وإنّما يتصور على مستوى الأمر بصلاة ، يقرأ فيها جهرا ، والأمر بصلاة يقرأ فيها إخفاتا.
أو فقل : إنّ الترتب إنّما يتصور بين الأمر بالصلاة الجهرية ، والأمر بالصلاة الإخفاتية ، والوجه في ذلك ، أن وصفي الجهر والإخفات ، أو القراءة الجهرية والقراءة الإخفاتية ، من الواجبات الضمنية ، لا الاستقلالية ، والترتب بينهما غير معقول ، إذ لا يعقل أن يقول المولى : يجب عليك الجهر ، وعلى تقدير تركه ، فيجب عليك الإخفات ، وكذلك لا يعقل أن يقول : يجب القراءة جهرا ، وعلى تقدير تركها ، فتجب إخفاتا.
والوجه في ذلك هو أنّ قيد ترك القراءة الجهرية ، إمّا أن يؤخذ قيدا في نفس الوجوب الضمني المتعلّق بالقراءة الإخفاتية ، أو يؤخذ في متعلقه ، وهو نفس الواجب ، فإن فرض الأول ، وهو أخذه قيدا في نفس الوجوب الضمني ، فهذا غير معقول ، لأنّ الضمني ، بحكم ضمنيته ، لا يعقل أن يكون له موضوع مستقل عن بقية الوجوبات الضمنية الأخرى ، حيث أن جميعها مجعولة بجعل
__________________
(١) فوائد الأصول : ج ١ ص ٢٢٣.