المولى مولويته ، بأن يأمر بالآخر على تقدير ترك الأول ، وذلك لأنّ المكلّف إذا ترك الأول كان ضروريا صدور الثاني عنه.
ومن هنا يظهر أنّه لا معنى للترتب في محل الكلام ، لأنّ الجهر والإخفات في القراءة من الضدين اللذين ليس لهما ثالث ، إذ إنّ الصلاة إمّا أن تكون جهرية ، وإمّا أن تكون إخفاتية ، ومعه لا يعقل الترتب.
وقد أجاب السيد الخوئي «قده» (١) عمّا ذكره الميرزا «قده ، بما حاصله : إنّه لو كان مصب الترتب هو نفس الجهر والإخفات ، لتمّ الإشكال ، ولكن مصب الترتب ليس هذين الوصفين ، وإنّما مصبّه هو القراءة الجهرية والقراءة الإخفاتية ، وهذان من الضدين اللذين لهما ثالث ، حيث أنّ لهما بديلا ، وهو أن لا يقرأ أصلا ، وعليه ، فيمكن أن يأمر المولى بالجهر ، ويأمر بالإخفات على تقدير ترك الجهر ، وكذا العكس.
وتوضيح المقام يكون بالكلام في نقطتين :
١ ـ النقطة الأولى : هو أنّ الترتب لا يتصور ، لا على مستوى الجهر والإخفات ، ولا على بنحو السالبة بانتفاء المحمول ، أي : عدم الجهر لأجل أنه قرأ ولم يجهر ، فيتم إشكال الميرزا «قده» ، وأمّا إذا أخذ في موضوعه عدم الجهر الأعم ، فلا يرد إشكال الميرزا «قده» لأنّ عدم الجهر لا يساوق مع تعيين الإخفات ، حيث أنه يتلاءم مع عدم القراءة أيضا.
وإنّ شئت قلت : إنّ القيد إنّ كان هو عدم الجهر الأعم من السالبة بانتفاء المحمول ، وذلك بأنّ يقرأ ولا يجهر ، أو السالبة بانتفاء الموضوع ، وذلك بأن لا يقرأ أصلا ، فالأمر بالقراءة الإخفاتية يكون معقولا ، ولا يرد إشكال الميرزا «قده». وأمّا إذا كان القيد هو عدم الجهر في القراءة بنحو السالبة بانتفاء
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٣ ص ١٦٣ ـ ١٦٥.
أجود التقديرات : ج ١ هامش ص ٣١٠ ـ ٣١١.