جرى عليها العقلاء في مقام صياغة العالم الأول والثاني ، حيث يصوغون إراداتهم وكراهاتهم بلسان الجعل والاعتبار ، كتنظيم عقلائي بين الموالي والمكلفين. وحينئذ بناء على هذه المرحلة أيضا ، يقع البحث في أن الشرط في الواجب المشروط هل هو قيد في متعلق الإلزام ، أو هو قيد في الإلزام نفسه بالضبط ، كما جرى هذا السؤال في عالم الملاك والإرادة؟.
والصحيح في المقام : أن القيد قيد في نفس الإلزام والوجوب ، وليس في متعلقه ، وقد يبرهن على هذا بمجموع أمرين :
أ ـ الأمر الأول : هو أن كل قيد اختياري أخذ قيدا في متعلق الإلزام ، أي : في الواجب ، لا بد أن يكون محرّكا نحوه من قبل ذلك الوجوب ، لأن فرض كون القيد قيدا في الواجب ، هو فرع فعلية الوجوب قبله ، ومع فعلية الوجوب قبله ، يكون الوجوب محرّكا نحو متعلقه ، ومتعلقه هو المقيّد ، والتحريك نحو المقيّد ، تحريك نحو القيد. إذن فكل قيد اختياري أخذ قيدا في الواجب ، لا بدّ من كون الوجوب محرّكا نحوه.
ب ـ الأمر الثاني : هو أن القيود غير الاختيارية ، يستحيل أن تؤخذ قيدا في الواجب ، بل يجب أخذها قيدا في الوجوب ، لأنها لو أخذت قيدا في الواجب للزم محركية الواجب نحوها ، كما يلزم أيضا كون الوجوب فعليا قبل وجودها وقد قلنا : إنّ فعلية الوجوب مساوقة مع محركيته نحو متعلّقه ، ومتعلقه هو المقيّد ، والتحريك نحو المقيّد تحريك نحو القيد ، وقد فرض أن القيد غير اختياري ، والتحريك نحو غير الاختياري غير معقول.
وبناء على هذين الأمرين نقول : إنّ الاستطاعة التي هي شرط في الواجب المشروط ، لو أنها أخذت قيدا في الواجب لا في الوجوب ، حينئذ فإمّا أن تكون مأخوذة قيدا في الواجب بمطلق وجودها ، وإمّا أن تكون قد أخذت قيدا بوجودها الاتفاقي الغير ناشئ من الوجوب.
فإن كانت هذه الاستطاعة قد أخذت في الواجب بمطلق وجودها ، إذن