في نفس المولى ، وأمّا كون المانع مفقودا ، فلأن المانع هو لزوم التحريك نحو أمر غير اختياري ، والمفروض أن هذا النوع من القيود اختياري ، إذن فلا يلزم التحريك نحو أمر غير اختياري ، وإن فرض كون قيود هذا القسم أنها غير اختيارية ولكنها قيود في ترتب المصلحة خارجا ، لا في اتصاف الفعل في كونه ذا مصلحة ، كما لو فرض أن طلوعا من نهار شهر رمضان قيد في ترتب المصلحة ووجودها ، لا في اتصاف الصوم بأنه ذو مصلحة ، ولكن هذا القيد غير اختياري ، في مثل ذلك لا يعقل سحبه من دائرة الوجوب ، وأخذه محضا في الواجب ، بل لا بدّ من أخذه في دائرة الوجوب ، مضافا إلى أخذه في الواجب ، إذ لا يعقل إطلاق الوجوب من ناحيته ، وإن كان مقتضي إطلاق الوجوب موجودا ، لأن المفروض أن هذا القيد ليس دخيلا في اتصاف الفعل في كونه ذا مصلحة ، إذ لو كان يمكن للمولى أن يجعل الوجوب مطلقا لجعله ، ولكن لوجود المانع.
وذلك لأن الوجوب إذا كان مطلقا وغير مقيد بذلك القيد ، إذن سوف يكون مطلقا من ناحيته ، وإذا كان مطلقا من ناحيته ، يلزم كونه محركا نحو المقيّد حتى في حالات عدم وجود القيد ، وهو تحريك نحو أمر غير اختياري ، وهو غير معقول.
نعم هناك استثناء واحد لهذا الحكم وهو فيما إذا أحرز المولى في نفسه ، أن القيد سوف يوجد خارجا في حق جميع المكلفين الذين جعل الخطاب في حقهم ، وأن الفجر طالع يقينا ، حينئذ وإن كانت قيود الترتب والوجود قيودا غير اختيارية ، ولكن لمّا كان المولى في نفسه يعلم بوجودها ، حينئذ لا بأس بجعل الوجوب مطلقا من ناحيتها ، لأن إطلاق الوجوب من ناحيتها غاية ما يلزم منه هو محركية الوجوب نحو المقيّد ، بقيد غير اختياري ، ولكن المقيد بقيد غير اختياري سيكون وجوده اختياريا ، وإنما يكون القيد بغير الاختياري غير اختياري فيما إذا لم يضمن وجود القيد الغير اختياري ، وأمّا في حالة ضمان وجود القيد غير الاختياري حينئذ يكون المقيّد به اختياريا لا محالة.