الاعتراض الثاني :
على الواجب المعلّق ، هو أن يقال : إن القول بالواجب المعلّق ، يلزم منه انفكاك المراد التشريعي عن الإرادة التشريعية ، بمعنى فرض فعليّة الإرادة التشريعية مع عدم فعلية المراد التشريعي ، لأن المفروض أن وجوب «الصوم» فعلي من حين «الغروب» ولكن الواجب ليس فعليا مثله ، بل منفك عنه ، وانفكاك المراد التشريعي عن الإرادة التشريعية غير معقول.
ويتضح هذا البرهان بأحد تقريبين :
١ ـ التقريب الأول : وهو ما أشار إليه صاحب الكفاية (١) ، وأوضحه المحقق الأصفهاني (٢) وحاصله مركب من مقدمتين :
أ ـ المقدمة الأولى : هي أن الإرادة التكوينية لا يمكن أن يتخلّف عنها مرادها ، إذ لا يراد بهذه الدعوى أن الإنسان فعّال لما يريد ، وشأنه شأن من إذا أراد شيئا فيقول له كن فيكون ، بل المقصود في المقام هو أنه حيث لا قدرة للإنسان على شيء ، فإنه لا يوجد ذلك الشيء ، فالإرادة التكوينية متى ما تعلّقت بشيء ، فقد فرغ عن القدرة ، عليه بحيث لم يبق بعد فعليّة الإرادة إلّا فعلية المراد ، إذ لا يمكن أن يتخلّف المراد عن الإرادة.
نعم هناك أمور كثيرة لا يمكن للإنسان إيجادها ، إلّا أنّ معنى ذلك ، أنه لا يريدها أيضا ، لا إنّه يريدها وتتخلّف عن إرادته.
ب ـ المقدمة الثانية : هي أن الإرادة التشريعية على وزان الإرادة التكوينية ، فكما يستحيل ، بمعنى من المعاني ، تخلّف المراد التكويني عن الإرادة التكوينية ، كذلك يستحيل الانفكاك بين المراد التشريعي والإرادة
__________________
(١) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٦١ ـ ١٦٢.
(٢) نهاية الدراية : ج ١ ص ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ـ ٣٠٨.