ومناط الاستحالة الوقوعية ، هو : كون علة الشيء مستحيلة ، وحينئذ يقال : إنّ اكتساب الإرادة حقيقتها التشريعية ، موقوف على حصول إنشاء باعث بالإمكان ، وهذا موقوف على أن يكون الانبعاث ممكنا ، لأن إمكان الباعث مساوق مع إمكان الانبعاث.
وكان حاصل نقضنا هو : إنّ الإتيان «بالصوم المقيّد بالنهار» إتيانه في أول الليل غير معقول ، ومستحيل بالاستحالة الوقوعية ، وكذلك الإتيان «بالصلاة المقيّدة بالوضوء قبلها» في أول آنات الزوال ، هو أيضا مستحيل بالاستحالة الوقوعية.
وكأنّ المحقق الأصفهاني التفت إلى هذا ، فعاد ليعلّق عليه في تعليقته (١) على تعليقته على الكفاية ، حيث قال : إن مقصودنا بإمكان الانبعاث ، هو الإمكان الاستعدادي لا الوقوعي ، ومعنى الإمكان الاستعدادي هو : قابلية العضلات للتحرك نحو الشيء ، وذلك في مقابل أن تكون القوة العضلية مشلولة ونحوه.
وبعد أن فسّر الإمكان بهذا المعنى ، ذكر أنه في محل النقض أي : في «الصلاة المقيّدة بالوضوء» ، الإمكان الاستعدادي ثابت فعلا ، وفي الآن الأول نحو القيد والمقيّد ، فهنا إمكانان استعداديان : إمكان نحو «الوضوء» ، وإمكان استعدادي آخر نحو «الصلاة». غاية الأمر ، هو أن خروج هذين الإمكانين إلى عالم الفعليّة يكون بنحو الترتب ، بمعنى أن الإمكان الأول يخرج إلى عالم الفعلية ، ثم الإمكان الثاني. وأمّا ذات الإمكان ، بمعنى تهيؤ القوى العضلية وكونها لا قصور فيها ، فإنّ هذا ثابت بالنسبة إلى «الوضوء» وإلى «الصلاة» معا في الآن الأول ، بمعنى أن القوة العضلية في الآن الأول متهيئة وقابلة لأن تتوضأ ، وقابلة لأن تصلي ، غاية الأمر أن إخراج هذين الإمكانين إلى عالم الفعليّة ، يكون بنحو الترتب.
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ١ ص ٣٠٨ ـ ٣٠٩ ـ ٣١٠ ـ ٣١١ ـ ٣١٢.