حينئذ إذا تمّت هاتان النقطتان يخرج التزاحم عن باب التعارض إذ لا يقع حينئذ أي تناف بين الجعلين.
وأمّا إذا أنكرنا النقطة الأولى ، وقلنا : بأنّ خطاب «أزل» غير مقيّد لبيا بعدم الاشتغال بضد آخر ، وإنّ إطلاقه بنفسه ، دال على عدم وجود مكافئ له في الأهميّة ، حينئذ يقع التعارض بين الخطابين ، لأنّ كلا منهما يدل على وجوب متعلقه مطلقا ، حتى مع الاشتغال بالآخر ، ومعنى هذا الإطلاق إلزام كل من الخطابين بصرف القدرة في متعلقه ، بدلا عن متعلق الآخر.
وكذلك إذا قبلنا النقطة الأولى ، ولكن أنكرنا النقطة الثانية ، فقلنا باستحالة الترتب ، فهنا أيضا سوف يحصل التنافي والتعارض بين الخطابين ، لأنّ عدم الترتب يؤدي إلى فعلّية كلا الخطابين المجعولين في فرض عصيان أحدهما ، ومعنى هذا : سراية التعارض إلى عالم الجعل ، واستحالة ثبوت الخطابين المشروطين بما هما مشروطان أيضا ، وهذا معناه التعارض أيضا.
والصحيح في المقام هو : إنّ باب التزاحم أجنبيّ عن التعارض ، ولتوضيح ذلك لا بدّ من استعراض كل الوجوه ، بدءا بالوجه الذي أفاده المحقق النائيني «قده» حتى ننتهي إلى الوجه الصحيح ، فنصوغ التزاحم على أساسه ، صياغته الفنيّة بعد أن تكفّلت النقطة الثانية وهي «إمكان الترتب» ، بحث الترتّب الملحق ببحث «اقتضاء الأمر بشيء للنهي عن ضده».
إذن ينحصر بحث خروج التزاحم عن التعارض في النقطة الأولى ، وقد ذكر في مقام تقريب ذلك عدة وجوه :
١ ـ الوجه الأول ، هو : ما أفاده الميرزا «قده» (١). لإثبات هذا المدّعى ، وهو كون كل من الخطابين قد أخذ في موضوعه القدرة التكوينية ، لكون العقل يحكم بقبح تكليف العاجز ، كما في الحكمين المجعولين على موضوعي
__________________
(١) أجود التقريرات ج ١ : ص ٢٧٠ ـ ٢٧١ ـ ٢٧١.