الخطابين أن يكون التّضادّ بين متعلقيهما اتفاقيا لا دائميا ، أو إنّه لا يشترط ذلك؟.
الصحيح هو إنّه كذلك ، إذ إنّ موارد التضاد الدائمي ، تكون من موارد التعارض بين الخطابين ، ولكن على تفصيل هذا مجمله وهو :
إنّه في موارد التضاد الدائميّ بين المتعلقين. تارة يفترض عدم وجود ضد ثالث لهما ، وأخرى ، يفترض وجود ضد ثالث لهما ، فإذا كان المتعلقان ضدّين لا ثالث لهما ، كان وقوع التعارض بين دليلي الحكمين واضحا ، إذ لا يعقل التكليف بهما معا ، لا جمعا لاستلزامه الجمع بين الضدّين ، ولا بدلا بأن يشرط أحدهما أو كلاهما بعدم الآخر ، لاستلزامه تحصيل الحاصل ، إذ في فرض ترك أحدهما يتعين وقوع الآخر بالضرورة ، إذ لا ثالث لهما ، فوقوع الآخر قهريّ. إذن فطلبه تحصيل للحاصل ، فيستحيل تعلق التكليف به ، وحينئذ يكون أحد التكليفين ، أو كلاهما ، لغوا.
وأمّا إذا فرض كونهما من الضدّين الدائمين اللذين لهما ثالث ، كما إذا ورد «يجب عليك القيام لطلوع الفجر» ، وورد في دليل آخر ، «يجب الجلوس عند طلوع الفجر» ، فهنا ضدان ، القيام والجلوس ، غايته أنّ لهما ثالثا.
فهنا في المقام ، هل يعامل معهما معاملة الخطابات المتزاحمة اتفاقا ، فيقال بعدم التعارض بينهما ، لأنّ كل واحد منهما مقيد لبّا بعدم الاشتغال بالمساوي أو الأهم ، ولا يعقل أهميّة أحدهما من الآخر ، بل هما إمّا متساويان في الملاك ، فيكون الترتّب من الجانبين ، وإمّا أحدهما أهم ، فيكون الترتّب من جانب واحد ، أو يقع بينهما تعارض.؟.
ذهب المحقق النائيني «قده» (١) ومدرسته إلى الثاني.
__________________
(١) أجود التقريرات الخوئي : ج ١ ص ٣١٠ ـ ٣١١.