وممّا ذكروا مثالا فقهيا لمورد عدم إمكان الترتّب ، ومن ثمّ خروجه عن باب التزاحم ، هو : ما إذا كان الماء مغصوبا ، وبذلك يحرم استعماله لكونه تصرفا في مال الغير دون إذنه ، وحينئذ ترفع اليد عن وجوب الوضوء.
والصحيح إنّه لا إشكال في عدم صحة الوضوء ، ولو ترتّبا ، لأنّ الترتّب إنما يعقل إذا لم يكن الواجب المهم متصفا بالحرمة ، وهنا قد اتصف الواجب بالحرمة فعلا ، إذن فيستحيل اتصافه بالوجوب ، لاستحالة اجتماع الأمر والنهي ، إذن فالترتب في مثله غير معقول.
ومثله ما لو حرم الوضوء من أجل الضرر ، فهنا لا بدّ من الالتزام بعدم إمكان الترتب ، وعدم تصحيح الوضوء بالتالي ، لأنّ الوضوء وقع مصداقا للحرام بعد البناء على عدم اجتماع الأمر والنهي ، فلا يقع مصداقا للحرام بعد البناء على عدم اجتماع الأمر والنهي ، فلا يقع مصداقا للواجب ، وهنا رفعنا اليد عن وجوب الوضوء لأجل الضرر.
هذا بخلاف ما لو رفعنا اليد عن وجوب الوضوء للحرج ، لا للضرر ، فإنّ الإقدام على الحرج ليس حراما ، فيصحح فيه الوضوء باعتبار دليل الاستحباب النفسي للوضوء ، لأنّ الاستحباب لا حرج فيه ، وإنما الحرج بالإلزام.
وإن شئت قلت : إنّه بناء على امتناع اجتماع الأمر والنهي ، يدخل هذا في باب التعارض ، وأمّا بناء على الجواز ، فمع عدم المندوحة يكون من باب التزاحم بين التكليفين ، إلّا إذا قيل بكون القدرة شرعية في الأمر بالوضوء ، فيكون باطلا لعدم إمكان الأمر به ، ولو بنحو الترتّب.
وأمّا إذا كانت هناك مندوحة ، فالأمر بالوضوء فعلي على كل حال ، لأنّ ملاكه المشروط بالقدرة الشرعية فعلي. وحينئذ إن قيل بمقالة الميرزا «قده» (١) من عدم التزاحم بين الواجب الموسع والمضيّق ، بحيث كان
__________________
(١) المصدر السابق.