المورد الرابع ممّا استثناه الميرزا «قده» (١) من الترتب ومن ثمّ التزاحم ، هو :
فيما إذا كان هناك تلازم بين الواجب والحرام ، كاستقبال القبلة الملازم لشيء آخر حرام.
فإن فرض كونهما متلازمين متساويين فواضح ، لأنّه إذا قدّم أحدهما بأيّ ملاك كان ، يجعل من المتعذّر ثبوت الآخر وامتثاله ، وعليه ، فلا يتصور الترتب.
وبإمكانك أن تهتدي بمثال إثبات وجوب استقبال الجدي بعد أن تعذّر استقبال القبلة الملازم لاستدبار الجدي ، فإنّه يلزم من ذلك طلب الحاصل ، إذ لو كان استقبال القبلة الملازم لاستدبار الجدى ، هو المأمور به الأصلي ، وأريد إثبات وجوب استقبال الجدي بالأمر الترتّبي عند عصيان استقبال القبلة ، فإنه يلزم من ذلك طلب استقبال الجدي بعد فرض حصوله ، إذ لا يصح أن يقال : «إن لم تستقبل القبلة ، فاستقبل الجدي» ، وذلك لأن عدم استقبال القبلة ملازم لاستقبال الجدي خارجا ، فيلزم طلب استقبال الجدي بعد حصوله.
وإن ناقشت بالمثال ، فعليك بمثال الجهر والإخفات الذي تقدم الكلام عنه في رد مقالة كاشف الغطاء «قده» (٢). وأمّا إذا كان أحدهما أعم من الآخر ، فيتصور الترتب وهو في حالة تقديم الأعم على الأخص.
والخلاصة : إنّه من خلال المورد الثالث ، يتضح الحال في جميع موارد التزاحم بين الواجب والحرام ومنها هذا المورد ، فيما إذا كان الواجب أهم ، ولو لم يكن الحرام مقدمة للواجب ، أو بين الحرامين ، فإنّه لا حاجة
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ٢٣٨.
(٢) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ٢٢١ ـ ٢٢٢.