الترتّب ، هذه المحاولة ، وإن كانت معقولة ثبوتا ، إلّا أنّها خلاف ظاهر الأوامر إثباتا.
المورد الخامس : من الموارد التي استثناها الميرزا «قده» (١) من باب الترتب ومن ثم الخروج عن باب التزاحم.
هو : مورد اجتماع الأمر والنهي ، فإنه بناء على القول بالامتناع وعدم المندوحة ، يدخل في باب التعارض ويخرج عن التزاحم ، وأمّا إذا قلنا بجواز الاجتماع ، فإنّه يدخل في باب التزاحم ، وحينئذ ، إذا قدّم دليل «لا تغصب». على دليل «صلّ» لكون النهي أهم ملاكا ، فهل يمكن أن يثبت دليل «صلّ» على وجه الترتّب؟ بمعنى أنّه لو غصب ، ودخل الدار ، هل يعقل أن يقول له المولى مثلا : «إذا غصبت ، فصلّ على الأقل» فيثبت الأمر بالصلاة على نحو الترتب ، أم إنّه لا يعقل ذلك؟
ذهب المحقق النائيني «قده» إلى الثاني (٢) ، والصحيح هو الأول.
وتوضيح ذلك هو أن يقال : إنّ جواز الاجتماع له مبنيان :
١ ـ المبنى الأول ، هو : إنّ تعدّد العنوان يوجب تعدّد المعنون ، فالصلاة والغصب كاشفان عن مصداقين في الخارج ، وأحدهما غير الآخر.
٢ ـ المبنى الثاني ، هو : إنّه بعد الاعتراف بأنّ المصداق الخارجي واحد ، وليس ما بإزاء أحد العنوانين خارجا ، إلّا نفس ما بإزاء الآخر ، لكن مع هذا يقال : لا بأس باجتماع الأمر والنهي ، لأنّ النهي متعلق بالعنوان ، والكثرة في العنوان تكفي لدفع غائلة طلب الحاصل ، أو اجتماع الضدّين.
فإن قلنا بالأول : فيمكن الترتب حينئذ ، فيكون الحال من قبيل التلازم بين الواجب والحرام ، وقد قلنا فيما تقدّم : إنّه يعقل الترتب إذا لم يكونا
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ٢٤١ ـ ٢٧٢.
(٢) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ٢٧٢.