كما في الضدّين اللّذين لا ثالث لهما ، كما عرفت ذلك مفصلا.
وعليه ، فمتى ما تحقّق هذان الشرطان تمّ الترتّب.
كما أنّه قد ظهر ممّا ذكر أنّه قد يتوفر هذان الشرطان ، ورغم ذلك لا يجري الترتّب ، إلّا أنّ ذلك ليس من جهة استحالة جريانه ، بل لعدم وجود أيّ داع له ، لأنّه يوجد ما هو أحسن منه ، كما عرفت تفصيله سابقا.
والخلاصة ، هي إنّه من مجموع ما تقدم ، اتضح أنّ اللّازم في صحة الترتّب ، ودخول اجتماع الأمر والنهي في باب الترتّب ، ومن ثم في باب التزاحم ، هو أن يتوفر الشرطان المزبوران في أول بحث التزاحم ، وهما :
عدم كون التكليف مقيّدا بالقدرة الشرعية ، بمعنى عدم الأمر بالخلاف.
والشرط الثاني ، هو عدم كون اللّازم من عصيان الخطاب الآخر تحقّق متعلّق التكليف ، كما في الضدّين اللّذين ليس لهما ثالث.
كما أنه اتضح ممّا تقدّم ، أنّ موارد التزاحم بين الواجب والحرام ، أو بين محرّمين ، لا يحتاج فيها للتحفظ على الخطاب التحريمي إلى مبنى إمكان الترتّب ، لأنّ مقتضى القاعدة فيها ، هو ثبوت الحرمة مطلقا مع تقييد الحرام بالحصة الخاصة المقرونة بترك مزاحمه.
التنبيه الثالث من تنبيهات التّزاحم ، هو : في إمكان تصوير التّزاحم وتطبيق أحكامه على الواجبات الضمنية.
بعد أن عرفنا تصويره وتطبيق أحكامه بالنسبة للواجبات الاستقلالية ، «كالصّلاة» ، و «الإزالة» ، فقد يقال : بأنّ التّزاحم يتصوّر في الواجبات الضمنية أيضا ، كما لو كان هناك واجب مركب من عدة أجزاء وكان المكلف قادرا على كل جزء منها وحده ، إلّا أنّه تعذّر عليه الجمع بين جزءين منها ، كما لو عجز عن الجمع بين «القيام والركوع» اللّذين هما واجبان ضمنيّان.