وأمّا البرهان ، فهو لأنّ هذه الصفات ذات إضافة ، فهي لا يمكن أن نتصور في تمام مراتب ثبوتها حتى في مرتبة ذاتها ، أن تنفكّ الإضافة هذه عن طرفها الذي هو المضاف إليه ، بل لا بدّ أن يكون المضاف إليه ثابتا حتى في مرتبة ذاته الكائنة في الذهن والنفس.
فالعلم لا تكمل حقيقته حتى يكون له معلوم ، وهكذا الحب ، والبغض.
وهذا معناه ، إنّ الطرف المضاف إليه الحب وغيره ، يجب أن يكون ثابتا في رتبة ذاته ، وأفق وجوده ، إذ معروض الحب وغيره ، صفة قائمة في نفس أفق وجودها ، وهو الذهن.
لكن هذه الصورة الذهنيّة المعروضة تختلف عن الصورة الذهنيّة التي هي معروض الكليّة والنوعية في القسم الأول إذ إنّه في القسم الأول تعرض الكلية والنوعية الصورة الذهنية للإنسان ، لا بما هي فانية في الخارج ، بل بما هي هي.
وأمّا هنا في المقام ، فالحب يعرض للصورة الذهنية التي ترى فانية في الخارج ، وحاكية عنه ، وترى أنّها عين الخارج بالنظر التصوري ، وإن كانت بالنظر التّصديقي ترى غير الخارج.
ويترتب على ذلك ، أنّ الحب له معروضان : معروض بالذات : وهو الصورة الذهنيّة ، ومعروض بالعرض : وهو الموجود الخارجي ، وهو الذي انتزعنا منه الصورة الذهنية ، وهذا بخلاف الكليّة والنوعيّة ، فإنّها ليس لها معروض بالعرض.
وبهذا البرهان ، تثبت أيضا وحدة المتعلّق والمتعلّق ، وأنّ الصورة الحبيّة هي نفس الحب كما مرّ آنفا.
٥ ـ القسم الخامس : هو الأعراض الذهنيّة ذات الإضافة إلى صورة كليّة وطبيعية ، لا إلى موجود خارجي ، ومثاله تعلّق الطلب ـ لكن لا بما هو