إنشاء واعتبار ـ بل بروحه وملاكه الذي هو الحب في الأوامر ، والبغض في النواهي ، إذ إنّ الطلب يتعلّق بالمفهوم كما في القسم الأول والرابع ، ولكنّه يختلف عن كل منهما في شيء ، فيختلف عن الأول ، في أنّه يتعلق بالمفهوم بما هو مرآة ، لا بما هو هو ، ويختلف عن الرابع في أنه ليس له معروض بالعرض ، بل له معروض بالذات وهو نفس المفهوم الكلي ، وإنّما لا يعقل أن يكون له معروض بالعرض ، لأنّ وجود المعروض بالعرض مساوق مع التشخّص ، وحيث أنّ الوجود مساوق للتشخص ، إذن يكون تعلق الأمر به ، تعلقا بالموجود المتشخص ، إذن فتعلق الأمر به تحصيل للحاصل.
والحاصل ، هو : إنّ الصورة الذهنية النفسانية بالذات هي معروضة الطلب في هذا القسم بما هي مرآة ، لا بما هي فانية في الخارج ، لأن الصورة الذهنيّة للماء لا تدفع عطشا ، فلا تطلب بما هي هي ، وإنما الطلب يتعلق بالصورة الذهنية باعتبار أنها بالنظر التصوري هي عين الخارج ، لكن هي بالنظر التصديقي مغايرة للخارج :
فهو يشترك مع القسم الرابع في الإفناء والمرآتيّة ، ولكن في القسم الرابع كان له معروض بالعرض مطابقا للمعروض بالذات ، بينما هنا في الخامس الصورة الذهنية كالحب مثلا ، ليس له مطابق في الخارج ، بل الموجود في الخارج هو مصداق للمعروض بالعرض ، فالطلب ليس له معروض بالعرض ، فإنّ صرف الوجود لا مطابق له ، وإنما الخارج مصداق لمحكيّيه.
وبناء على هذا تندفع عويصة في تصوير الطلب حاصلها : إنّه إن كان موضوع الطلب أمرا خارجيا ، فظرف عروضه وفعليته في طول ظرف تحقق الأمر وعروضيته وخارجيّته ، وفي هذا الظرف يكون الطلب تحصيلا للحاصل ، إذ لا معنى حينئذ لعروض الطلب عليه.
وإن كان موضوع الطلب أمرا غير خارجي ، فلا يمكن طلب عير الخارجي ، لأنّ المولى يتوخّى من طلبه نتيجة تقع في الخارج.