أو فقل : إنّ الطلب إذا كان متعلقا بالمفهوم ، بما هو هو ، فهذا أمر لا يستفيد منه المولى شيئا ، إذ المفهوم بما هو هو ليس إلّا هو ، فهو موجود في ذهن المولى فقط.
وإذا كان الطلب متعلقا بالموجود الخارجي ، فهو طلب للحاصل.
وحل العويصة هو أن يقال : إنّ الطلب متعلّق بالمفهوم والصورة الذهنية ، بما هو مرآة وفان في الخارج ، فهو مطلوب حينئذ بالحمل الأوّلي ، ولذلك لم يكن نفس المفهوم مطلوبا بالحمل الشائع ، إذ ليس المفهوم المطلوب بالحمل الشائع مصداقا للمفهوم المطلوب بالحمل الأوّلي ، وحينئذ لا يلزم من طلبه هكذا ، طلب الحاصل ، لأنّ الطلب هكذا ليس متعلقا بالوجود الخارجي ، ولو بالعرض ، وإنّما الوجود الخارجي يكون مصداقا لما يتعلّق به الطلب.
وحينئذ ، لا يرد إشكال ، أنّ المتعلق بالعرض ، لو كان هو الوجود الخارجي للزم تأخر الطلب عنه ، وكانت مرتبته متأخرة عن مرتبة المعروض بالعرض ، حيث معه يستحيل طلبه ، لأنّه طلب للحاصل.
وإن شئت قلت : إنّ القسم الخامس ـ وهو كما في الطلب ـ يشبه القسم الأول والرابع ، لأنّه عرض ذهني ذو إضافة إلى صورة كلية وطبيعية ، وهو حينما يتعلّق بالمفهوم ، فهو يتعلق به ، لا بما هو إنشاء واعتبار ، بل يتعلّق بروحه وملاكه الذي هو الحب في الأمر ، والبغض في النهي.
إذن فهو يتعلّق بصرف وجود الطبيعة ، وحينئذ ، فبنفس البرهان والوجدان المتقدم ، نثبت أنّ الطلب معروضه بالذات الصورة الذهنيّة النفسانيّة ، لكنّه يختلف عن الأول ، في كونه يتعلق بالمفهوم ، بما هو مرآة ، لا بما هو هو ، لأنّ المفهوم ، بما هو هو ، عبارة عن صورة ذهنية ، والصورة الذهنية للماء لا تدفع عطشا ، إذن فلا تطلب ، مضافا إلى كونها حاصلة في نفس المولى ، فيكون طلبها من قبل المولى تحصيلا للحاصل.