وأمّا إذا برهنّا في بحث فلسفي ، أو منطقي ، على استحالة بقاء الجنس بعد ارتفاع فصله ، إذن يصبح الجنس معلوم الارتفاع.
نعم يمكن أن نحتمل جعل وجود آخر له ولو في ضمن فرد آخر فيبقى على الحجيّة إلا أنّه لا يكون مدلولا تصديقيا للدليل المنسوخ وإنما مدلول تصوري ولكن قد علمنا بارتفاع المدلول التّصديقي الموجود لدليل الوجوب ، إذن فالتفريع معقول.
وكلّ هذه الاعتراضات لا موجب لها ، وإنّما الصحيح هو كلام المشهور ، الذي مرجعه التقريب الوسط من هذه التّقريبات السابقة ، وهو التمسّك بالدلالة التضمّنية بعد سقوط الدلالة المطابقيّة ، ولا داعي للتمسّك بألفاظ الجنس والفصل ، وإن وردت في بعض الكلمات ، وحينئذ لا بدّ من إكماله بالتقريب الأول والثالث ليتضح الحق في المسألة.
هذا تمام الكلام في المقام الأوّل ، وهو في بيان الدليل الاجتهادي.
المقام الثاني :
في تنقيح الأصل العملي في المسألة ، بمعنى أنّه هل يمكن بالأصل العملي ، إثبات الجواز بالمعنى الأعم بعد نسخ الوجوب ، أو إنّه لا يمكن ذلك؟.
قد يقرّب ذلك بالتمسّك بالاستصحاب ، حيث يقال : بأنّه كانت عندنا قضيّتان متيقّنتان هما : الجواز بالمعنى الأعم ، والوجوب ، وأنّ الثانية علم ارتفاعها بدليل النسخ ، والأولى لم يعلم ارتفاعها ، فيجري استصحاب بقائها.
وقد أورد السيد الخوئي «قده» (١) على هذا بإيرادين :
١ ـ الإيراد الأول ، هو : إنّ هذا الاستصحاب لا يجري لأنّه من استصحاب
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٤ ص ٢٥.