وإن لم يكن هناك تناف بين الفعلين ، بل إنّه يمكن الجمع بين الصوم والعتق ، ولكن ملاك الصوم لا يترتّب على الصوم ، لو وجد العتق وملاكه.
ومن هنا فالمولى لا يأمر بهما معا بأمرين تعينيّين ، لأنّه لا يمكن التوصل إلى كلا الملاكين ، لأنّ وجود أحدهما يمنع من حصول الآخر ، وحينئذ هنا ، يحكم المولى بوجوبين مشروطين ، كل منهما متعلق بأحد الفعلين بخصوصه وعنوانه ، مشروطا بعدم الآخر.
غاية الأمر أنّ الوجوب المتعلق بكل واحد من الفعلين ، ليس وجوبا على الإطلاق ، بل مشروط بترك الفعل الآخر ، وهذا معناه ، وجود تناف وتضاد بين الملاكين.
وقد اعترض على هذه النظرية السيد الخوئي «قده» (١) وغيره من المحقّقين بعدة اعتراضات :
١ ـ الاعتراض الأول : هو إنّ هذه الفرضيّة على خلاف ظاهر دليل الوجوب التخييري ، إذ إنّ ظاهر دليله لا يناسب إنشاء وجوبات متعددة على الأفعال بعناوينها التفصيليّة ، بل ظاهره إثباتا ، في أنّه خطاب واحد ، وإنشاء لوجوب فارد ، لا خطابان مشروطان.
وهذا الإشكال كأنّه إثباتي ، لا ينطبق على هذه الفرضيّة ، ولذلك لا يكون واردا على المحقق الخراساني «قده».
والتحقيق ، هو : إنّ صاحب هذه الفرضيّة ، لم يفترض هذا التفسير للوجوب التخييري في سائر موارد الوجوب التخييريّ ، وإنّما قصد : إنّ هذه الفرضيّة تنطبق على بعض موارد الوجوب التخييريّ ، لأنّ الوجوب التخييريّ ليس دائما بلسان «صم» ، أو «أعتق» ، أو «أطعم» حتى يقال : بأنّ الوجوب التخييريّ لا يناسب جعل وجوبين.
__________________
(١) محاضرات فياض ـ ج ٤ ص ٣٣ ـ ٣٤ ـ ٣٥ ـ ٣٦ ـ ٣٧ ـ ٣٨.