بنحو أنّ أحدهما ترتّبه على فعله وسببه ، موقوف على عدم وجود الآخر ، لا قبله ولا معه ، بمعنى أنّ مطلق وجود العدل الآخر في عمود الزمان مانع عنه ، وأمّا الغرض الثاني فترتّبه على فعله ، وسببه هو فرع عدم وجود الأول قبله ، لا حينه ، مثلا نفرض أنّ الإطعام لا قبل العتق ولا بعده. وأمّا الإطعام فترتب الغرض عليه موقوف على أن لا يكون قبله عتق.
وهذا بحسب الحقيقة ، تعبير آخر عن افتراض الجمع الملفّق من الفرضين اللّذين أبداهما صاحب الاعتراض ، وهما : إنّ العتق يترتّب غرضه على عدم كون الصوم قبله ، أو مقارنا معه ، وأمّا الصوم فترتّب غرضه موقوف على أن لا يكون قبله عتق.
وبناء عليه ، فلو أنّ المكلّف جمع بينهما ، فقد استوفى ملاك الصوم ، لكون وجود الآخر مقارنا معه غير مانع من ترتب غرضه عليه وبذلك يكون الامتثال قد حصل به.
نعم ملاك العتق لم يوجد ، لأنّنا فرضنا أنّ ملاكه موقوف على أن لا يكون قبله ، ولا حينه ، إطعام.
ومن هنا فليس من اللازم أن يأمر المولى بالجمع بينهما ، لأنّ ذلك لا يؤدي إلى تحصيل كلا الملاكين ، حتى لو جمع ، كما عرفت ، وإنما يأمر بهما لو كان يحصّل كلا الملاكين.
٢ ـ التقريب الثاني ، هو : أن نفرض التنافي في كل منهما بنحو يماثل التنافي في الآخر.
وحاصله ، هو : إنّه كلما وجد أحدهما ، فسوف يكون سببا في إسقاط المتأخر عن التأثير رأسا ، فلو عتق ، فلن يترتب على الإطعام ملاكه ، ولو أطعم لم يترتب على العتق ملاكه رأسا ، وأمّا لو اقترنا ، فهنا أيضا يكون كل منهما مانعا ، ولكن مانعيته في حالة الاقتران ، أضعف من مانعيته في حال التقدم ، فهو يمنع ، بمعنى أنّه يضعّف الآخر وينصّفه.