حصول خسارتين وألمين للمولى وذلك لأن المولى لم يحصل على شيء منهما ، رغم كون كلا الملاكين فعليا ، وعليه ، فيعاقب بعقابين ، إذ كان هذا المكلف قادرا على عدم إيلام مولاه ، لا جوعا ، ولا عطشا ، وذلك بتقديم أحد الأمرين ، فلو قدّم الأكل لشبع ، ولما عطش ، ولو قدّم الماء ، لارتوى ولما جاع ، والمفروض أنّه هنا لم يأكل ولم يشرب ، إذن فكلتا الخسارتين مستندتان إلى المكلف وفي مثله يستحق عقابين.
وأمّا إذا كان ترك كل منهما قد أخذ شرطا في وجود الملاك الآخر ، حينئذ يكون ترك أحد الملاكين ووقوع إحدى الخسارتين ممّا لا مفرّ منه ، بل هي واقعة على كل حال ، ولا يقدر المكلف على دفعها ، وإنّما يقدر على أن لا توجد الخسارة الثانية ، إذا كان وقوع الأخرى ضروريا.
وحينئذ يقال : إنّه إن كان مناط الثواب والعقاب ، هو دفع ألم المولى وخسارته ، بحسب عالم الأغراض والملاكات ، إذن فلا موجب إلّا لاستحقاق عقاب واحد ، لأنّ المكلف إنما كان قادرا على دفع خسارة واحدة لا بعينها من خسارتين.
وإن كان المناط هو مخالفة الإنشاء والجعل بما هو إنشاء ، بقطع النظر عن مبادئه من الأغراض والملاكات ، حينئذ ، هنا مخالفتان لإنشاءين كان يمكن المكلّف منع تحققهما ، بأن يأكل أو يشرب ، ولكنه لم يأكل ولم يشرب ، فحصلت الخسارتان بسببه ، وفي مثله ، يستحق عقابين.
هذا ، ومن الواضح ، إنّ الصحيح في مناط الثواب والعقاب إنّما هو مبادئ الحكم وملاكه ، لا جعله وإنشاؤه.
ومن هنا ، لا يفرق الحال في حجم العقاب وترتّبه في المقام ، سواء أبرز المولى ملاك حكمه بصيغة الإنشاء أو الإخبار.
وعلى ضوء ما تقدم ، فالصحيح في موارد التضاد والتنافي الذاتي ، أو التضاد الملاكي بين الواجبين ، هو التفصيل ، بين نحوين : أحدهما : فيما إذا