وإن شئت قلت : إنّ الفرد المردّد يستحيل ثبوته وتحققه ، لا في الخارج ولا في الذهن ، لأنّه يستلزم التناقض ، إذ لو كان ثابتا بحيث يحمل عليه أحد العنوانين فقط ، فهذا معيّن لا مردّد ، وإن كان بحيث يحمل عليه كل من العنوانين ، فهذا يعني ، أنّه يصح حمل كل من العنوانين عليه ، وسلبه عنه ، وهذا تناقض.
واعتراض المحقق الأصفهاني هذا ، متين ، وفي غاية الجودة ، وبالتالي هو أحسن ممّا قيل في دفع الفرد المردّد المفترض في النظرية الرابعة ، إذ قيل بأن الفرد المردّد المصداقي مستحيل باعتبار أنّ الوجود مساوق للتشخّص والتعيّن ، فإنّ كون شيء «ما» ، موجودا لا بدّ من تعيّنه. إذ هذا الكلام تطويل للمسافة.
ونحن ننهيها منطقيا من دون بحث في الوجود وحقيقته وشئونه ، وإنّه هل يعقل فيه تصور الفرد المردّد ، أو التردّد ، أو إنّه لا يعقل ذلك؟.
بل نقول من أول الأمر ، بأنّ المردّد بين الألف والباء ، إن كان حقيقة هو المراد ، فيلزم منه التناقض ، بلا حاجة إلى ضمّ برهان ، أنّ الوجود يساوق التشخّص ، فيستحيل وجود الفرد المردّد مصداقا.
النظرية الخامسة ، هو : إنّ الوجوب التخييريّ ، يرجع إلى الوجوب التعيينيّ ، ولكن يجعل المتعلّق هو الجامع ، وذلك بإرجاع التخيير الشرعيّ إلى التخيير العقليّ.
وإرجاعه إلى الجامع يكون بأحد تقريبين :
١ ـ التقريب الأول ، هو : إنه بعد أن نتصوّر جامعا حقيقيا من المعقولات الأوليّة ، حينئذ يدّعى أنّ هذا الوجوب متعلقا بذاك الجامع الحقيقيّ. وهذا الجامع الحقيقيّ يحاول إثباته بدليل وبرهان ، أنّ الواحد حتى النوعي لا يصدر إلّا من واحد بل الواحد لا يصدر من اثنين بدعوى أنّه إذا كان يجمع بين العدلين ملاك واحد ، وكان هذا الملاك ممّا يحصل