ولكن في عالم الوجود ، مرتبة وجود الطويل أكمل من مرتبة وجود القصير.
وإن شئت قلت : إنّ حلّ إشكال التخيير بين الأقل والأكثر ، على ضوء الصيغة الأولى ، يتوقف على بحث فلسفي في مسألة التشكيك الخاصّي في الوجود ، حيث قيل هناك : إنّ التفاوت والاختلاف بين مفردات الطبيعة الواحدة ، يتصور على نحوين :
١ ـ النحو الأول : أن يكون هذا التفاوت بلحاظ امتيازات عرضيّة على الماهيّة ، ولكنّها خارجة عنها ، كالتفاوت بين الإنسان العالم ، والإنسان الجاهل ، وهذا هو المسمّى بالتشريك العامّي ، وهو الذي يكون ما به الامتياز فيه غير ما به الاشتراك.
٢ ـ النحو الثاني ، هو : أن يكون التفاوت بلحاظ امتيازات داخلة في الماهيّة ، ولكنّها تختلف فيما بينها بالمرتبة ، والنقص ، والكمال ، والكمّ ، كما في الماهيّات المشككة من قبيل الخط الطويل والخط القصير ، إذ كلاهما «كمّ متصل» ، ولكن يتفاوتان فيه ، وهكذا يقال في العدد بين الثلاثة والأربعة وما شابه ذلك.
ومن هنا اختلفت التفسيرات الفلسفية في تصوير هذه الامتيازات التشكيكيّة للماهيّة الواحدة.
فذهب فريق إلى أنّ هذه الامتيازات بين مفردات الطبيعة والماهية الواحدة ، على وزان الامتياز والتفاوت في النحو الأول القائم على أساس اختلاف في خصوصيّات العرض ، خارج عن ذات الماهيّة فيكون ما به الامتياز في كل وجود للماهيّة ، غير ما به الاشتراك ، ففي العدد مثلا ، ما به الاشتراك ، هو نفس العدد ، أو نفس الكم ، وما به الامتياز هو خصوصيّة أربعيّة الأربعة ، مع العلم أنّ هذه الخصوصيّة عرضيّة خارجة عن ذات الماهيّة ، وهذا هو المسمّى عندهم «بالتشريك العامّي» ، أو «بالتشكيك العامّي».