وبهذا ننهي الكلام في مرحلة الثبوت.
والآن نتكلم في صغرى المرجح ، أي : في مرحلة الإثبات ، حيث يقال هنا : كيف نثبت أنّ أحد الخطابين مشروط بالقدرة العقلية ، والآخر مشروط بالقدرة الشرعية؟.
فنقول : إنّه إذا قامت قرينة خاصة على أحدهما ، فلا إشكال في اتّباعها ، وإلّا فقد يدّعى أنّ الأصل فيهما أن تكون القدرة عقلية ، وأن يكون ملاك الخطاب غير مشروط بالعقلية ، وهذا الأصل نخرج عنه بواسطة قرينة خاصة ، أو عامة ، كما لو تصدّى المولى بنفسه لأخذ القدرة في موضوع خطابه ، كأن يقول ، (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ، فإنّ خطاب الحج يختلف عن خطاب (أَقِيمُوا الصَّلاةَ).
إذن لو تصدّى المولى بنفسه لأخذ القدرة في موضوع خطابه ، فيتنقح بذلك أنّ الأصل إن لم تؤخذ القدرة شرطا في موضوعه من قبل المولى ، يتنقح بذلك أنّ الأصل فيه أن تكون القدرة عقلية.
وقد يدّعى هنا ، أنّه إن كان المولى قد تصدّى لأخذ القدرة في موضوع خطابه ، فيتنقح بذلك ، أنّ الخطاب إذا لم تؤخذ القدرة في موضوعه ، فالأصل فيه أن تكون القدرة شرعية ، إلّا أن تقوم قرينة على الخلاف ، إذن فهنا دعويان :
١ ـ الدعوى الأولى وهي : كون الأصل في الخطاب الذي لم تؤخذ القدرة فيه من قبل المولى ، الأصل ، أن تكون القدرة عقلية ، هذه الدعوى ، موقوفة على أحد تقريبين تقدّم الكلام عنهما.
وتوضيح موجز التقريب الأول هو : أنّ الخطاب بحسب دلالته المطابقيّة على الحكم ، لا إطلاق له لحالة عدم القدرة ، لأنّ القدرة حتى لو لم يأخذها المولى في موضوع خطابه ، فهي قيد بحكم العقل ، إذن فلا إطلاق للمدلول المطابقي للخطاب لحالة عدم القدرة ، وعليه ، فيكون إطلاق