الخطاب إنشاء تكليف على العبد الثاني ابتداء ، إلّا أنّه كاشف عن أمره للثاني ـ بالدلالة الالتزاميّة العرفية ـ عن طلب الفعل منه ، إذ بعد فرض أمر المولى للمأمور الأول أن يأمر العبد الثاني ليصل إلى واقع مطلوبه ، «الصدقة» ، من العبد الثاني ، حينئذ يكون الأمر للعبد الثاني مستفادا من الخطاب بالالتزام.
وبناء عليه ، يكون العبد الثاني مشغول العهدة بالصدقة ، سواء أمره المأمور الأول ، أو أمره غيره ، وسواء وصله الخطاب بطريق المأمور الأول ، أو بطريق غيره.
وممّا يلاحظ ، أنّ هذين الاحتمالين يتفقان على كون المأمور الثاني هو المطلوب منه إيقاع الفعل ، «الصدقة» ، من أوّل الأمر ، ومن دون أن يتوقف هذا على أمر المأمور الأوّل له ، بل لو وصله هذا الأمر من أيّ طريق آخر ، فقد صار منجّزا وجوب هذا الفعل عليه من أول الأمر ، لأنّه وجوب صادر من مولاه.
٣ ـ الاحتمال الثالث ، هو : أن يكون المولى أنشأ أمرا للعبد الأول بأن يأمر ، ولم ينشئ أمرا للثاني بالصدقة ، نعم تمام نظر المولى هنا هو إلى صدور الأمر من العبد الأول ، إذ إنّ أمره هذا ملحوظ بنحو الموضوعية في غرض المولى ، بل كأنّه هو المطلوب المولوي ، وحينئذ ، فهذا الأمر لا يدل على مطلوبية الصدقة للمولى من الثاني ، لا مطابقة ، ولا التزاما.
نعم يمكن أن تكون الصدقة على عهدة الثاني إن استظهرنا من قول المولى ـ «مر العبد الثاني» ـ ضمنا إعطاء مقام الآمرية للأول ، حينئذ يقع الفعل على عهدة الثاني لكن لا لأجل كونه مأمورا به من المولى ابتداء وإنّما لأجل كونه مأمورا به من المأمور الأول المجعول له الولاية والأمر ، إذ بعد أمره يتحقق وجوب الفعل على عهدة المأمور الثاني.
وفرق ملاك هذا الاحتمال عن الملاك في الاحتمالين السابقين ، هو أنّه هنا في الاحتمال الثالث ، إنّما يقع الفعل في عهدة المأمور الثاني إذا أمره المأمور الأول ، لا على كل تقدير كما في الاحتمالين السابقين ، كما أنّ