٢ ـ النكتة الثانية ، هي : إنّه في موارد متعلق الأوامر ـ كما في المثال الأول ـ إذا أردنا أن نطبّق فكرة كون الاحتمالات ثلاثة : فإذا كان الأول غير معقول ، وأن الثالث تنفيه مقدمات الحكمة ، فيتعين الثاني.
أقول : ما أفيد بهذه الطريقة ليس كافيا ، كي ننتهي إلى البدلية ، لو لم يكن وراء هذه الطريقة نكتة ، هي التي أوصلتنا إلى هذه النتيجة ، وذلك لأنّنا إن بنينا على أنّ القدرة ليست شرطا شرعيا في مدلول الخطاب ، وإنّما هي شرط في مقام الامتثال كما ذهب إليه السيد الخوئي «قده» دون أن يفرّع عليه في أيّ مورد ، ولكن بنينا على أنّ القدرة شرط عقلي ، فهنا لا بأس بحمله على الإطلاق الاستغراقي بحيث يشمل كل أفراد المتعلق ، غاية الأمر أنّ العقل يحكم بتنجز المقدور منها.
وأمّا إذا بنينا على المبنى المشهور ، وهو أنّ القدرة شرط عقلي في الخطاب ، حينئذ حيث أنّ القدرة قيد عقلي لبّي متصل فلا بأس أن يقال ، بأنّ الشمولية تثبت بالمقدار المقدور لأفراد المتعلق ، وفي حدود هذا المقيّد المتصل ، المقيّد لدائرة الإطلاق الشمولي ، وحينئذ يكون كبقية المقيّدات للإطلاقات الشموليّة.
وهنا لا يقال : أيّ قرينة على تعينه؟ لأنه يقال : بأنه مقيد بمخصص متصل.
وهكذا لو قلنا : بأنّ الخطاب يقتضي تقييد المادة بالمقدور منها ، حينئذ يكون الحال فيها أوضح ، فهنا حين حمل الخطاب على الحصة المقدورة لم يكن اعتباطا بل كان بضم المخصّص المتصل ، غايته أنّه يضيّق الإطلاق الشمولي بقرينة متصلة ، إذن لا بدّ من ذكر نكتة أخرى تقتضي البدليّة في متعلقات الأوامر ، والشمولية في متعلقات النواهي وتحل الإشكال ، وتكون وراء هذا الكلام.
وقد تقدّم شرح هذه النكتة مفصلا في بحث المرة والتكرار نعيده هنا مجملا فنقول :