حقيقة ، ينحفظ بفرد واحد ، ولا ينعدم الّا بانعدام تمام أفراده.
ولعلّ ذلك هو معنى الكلام المشهور ، حيث يكون المطلوب في الأمر حفظ ذلك المفهوم الذهني ، بينما يكون المطلوب في النواهي إعدامه.
وقد عرفت تفصيل ذلك في بحث المرة والتكرار.
الجهة الرابعة :
وهي تشتمل على تنبيهين مرتبطين بالجهتين السابقتين :
١ ـ التنبيه الأول ، هو : إنّ الفارقين المذكورين في الجهة الثانية والثالثة واللّتين تميزان النّهي عن الأمر ، محفوظان وثابتان للنّهي سواء قلنا بأنّ النّهي عبارة عن الزّجر عن الفعل كما هو الصحيح. أو قلنا إنّه عبارة عن طلب الترك. إذ لا فرق بين قول : «لا تشرب الخمر» ، وبين قوله : «أترك شرب الخمر» ، والسرّ فيه ، هو إنّ النكتتين اللّتين أوجبتا الفارقين ، موجودتان في قوله «اترك شرب الخمر» ، كما هما موجودتان في قوله «لا تشرب الخمر».
فنفس ما يستفاد من الأول يستفاد من الثاني ، لما قلناه من وجود كلتا النكتتين في طلب الترك ، وهما كون نشوء طلب الترك ، غالبا ما يكون من مفسدة انحلالية في الفعل ، فيكون الحكم انحلاليا ، ونكتة كون الطبيعة لا تترك إلّا بترك تمام أفرادها ، فيكون امتثال الحكم بترك تمامها.
٢ ـ التنبيه الثاني ، هو : إنّك قد عرفت في الفارق بين الأمر والنّهي ، أنّ الأمر يتعلق بإيجاد الطبيعة ، وبما أنّ الطبيعة توجد بوجود فرد واحد ، فيكتفى في باب الأوامر ، بإيجاد فرد واحد ، وأمّا في النّهي فلا بدّ من إعدام جميع الأفراد ، لأنّ النّهي متعلق بالطبيعة ، وإعدامها ، والانتهاء عنها لا يكون إلّا بترك جميع أفرادها. وقد عرفت أن هذا الفارق أمر يدركه العقل ، ويحكم به. ولا يمكن التخصيص في الحكم العقلي. ومن هنا قد ينشأ إشكال بالنسبة للجامع الانتزاعي كعنوان «أحدهما ، أو أحدهم» حيث خرج