فلفظ «س» تارة يرمز به إلى عدد «ثلاثة» ، وأخرى يرمز به إلى عدد «أربعة» ، حيث لا يكون معنى ذلك ، أنّ هذا اللفظ «الرمز» جامع بين العددين ، وإنما هو بقوة قوله ، «هذا أو ذاك» فلا يكون طلب ترك الجامع «أحدهما» طلبا لترك الجامع ، وإنّما هو طلب لإلغاء وترك إحدى الخصوصيتين.
والدليل على ذلك هو أنّ كل جامع لا يعقل انطباقه على الفرد بخصوصية وإنما ينطبق عليه بذاته دون خصوصيته لأنّ الجامع ينتزع عن الأفراد بعد إلغاء خصوصياتها كما هو واضح.
وهذا المعنى غير متحقق في عنوان «أحدهما» لأنّ هذا العنوان ينطبق على كل فرد من الفردين بخصوصيّته ، فهو ينطبق بالنتيجة على الخصوصية بما هي خصوصية ، وهذا بخلاف الجامع ، فإنّه لا يمكن أن ينطبق على الفرد بخصوصيّته.
وهذا يبرهن ، على أنّ هذا الجامع ليس بجامع حقيقي ، وإنّما هو رمز ، وبذلك ، لا يلزم تخصيص القاعدة العقليّة ، لأنّ القاعدة العقليّة ، إنما كانت بالنسبة للنّهي إذا تعلّق بالجامع الحقيقي ، فحينئذ ، الانتهاء عنه لا يكون إلّا بترك جميع أفراده.
وهذه قاعدة مطّردة في جميع الجوامع الحقيقيّة إذا تعلق بها النّهي.
وأمّا في مثل عنوان «أحدهما» فيكتفى فيه بترك أحد الفردين إذا تعلق به النّهي ، باعتبار أنّه ليس بجامع حقيقي كما عرفت.
إذن فلا تخصيص في هذه القاعدة العقلية.
وبهذا ينتهي الكلام في الجهة الرابعة ، وبها يتم الكلام في الفصل الأول ، أي : في صيغة النّهي.
الفصل الثاني : والكلام في الفصل الثاني في مادة النّهي يقاس على الكلام في صيغة النّهي في الجهات الأربع التي تقدمت.