الفصل الثاني
اجتماع الأمر والنّهي
والكلام في جواز اجتماع الأمر والنّهي وامتناعه ، إنما يكون بعد فرض أصل موضوعي مفروغ عنه. وهذا الأصل الموضوعي ، عبارة عن التضاد بين الأمر والنّهي إذا كان مركزهما واحدا ، من دون أيّ فارق بين متعلقيهما من قبيل قوله : «صلّ ولا تصلّ».
وبعد الفراغ عن هذا الأصل الموضوعي ، يقع الكلام في أنه إذا اختلف مركز الأمر والنّهي بالإطلاق والتقييد كما في قوله : «صلّ ، ولا تصلّ في الحمّام» ، أو اختلف مركزهما بالعنوان ، من قبيل «صلّ ، ولا تغضب» ، فيما لو أضطر إلى الصلاة في الأرض المغصوبة ، فهل إنّ اختلاف مركز الأمر والنّهي بأحد هذين النّحوين يكفي لدفع غائلة ومحذور التضاد ، بحيث يمكن أن يثبت الأمر والنّهي معا ، أو لا يكفي؟.
ولتحقيق ذلك ، لا بدّ من تحقيق ذلك الأصل الموضوعي ، لنرى ما هو ملاك التضاد فيه ، كي نبحث بعد ذلك ، عن أنّ اختلاف مركز الأمر والنّهي بأحد هذين النّحوين ، هل يرفع ملاك التضاد هذا ، أو لا يرفعه؟
إذن ، فيقع الكلام أولا في تحقيق ملاك التضاد بين الأمر والنّهي ، إذا كان مركزهما واحدا ومن دون أيّ اختلاف في متعلقهما الذي هو الأصل الموضوعي.
فنقول : إنّ توجيه خطابين إلى المكلف ، من قبيل ، «صلّ ولا تصلّ».