مقتضى قوله : إنّ الصلاة ذات مصلحة وحب فعلي ، ومقتضى قوله : «لا تصلّ» ، أن الصلاة ذات مفسدة وبغض فعلي ، ولا يعقل اجتماع هذين الأمرين في مركز واحد.
وبهذا يثبت التضاد بين «صلّ ، ولا تصلّ» بلحاظ تمام مراتب الحكم ، وبهذا تمّ الكلام في هذا الأصل الموضوعي.
ثم إنّه يقع الكلام ثانيا ، في أنّ اختلاف مركزي الأمر والنّهي بالإطلاق والتقييد ، أو بالعنوان ، هل يرفع ملاك التضاد ومحذوره على أساس مبانينا ، كي لا يكون مانع من توجه الأمر والنّهي معا حينئذ ، أو إنّه لا يرفعه ، بل يستحيل توجه كلا الخطابين معا إلى المكلف؟
ولا يخفى أنّ الاختلاف بالإطلاق والتقييد ، يبحث فيه من جهة واحدة ، وهي إنّ هذا الاختلاف هل يكفي في جواز اجتماع الأمر والنّهي فيه ، أو لا يكفي؟
وأمّا الاختلاف بالنحو الثاني فيبحث فيه من جهتين :
١ ـ الجهة الأولى ، هي : إنّ تعدد العنوان هل يوجب تعدد الخارج ليجوز الاجتماع؟
٢ ـ الجهة الثانية ، هي : إنّه على تقدير أنّ تعدد العنوان لا يوجب تعدّد الخارج ، حينئذ يبحث في أنّ نفس اختلاف العنوان ، هل يصحّح اجتماع الأمر والنّهي أو لا يصحّح؟.
أمّا إذا كان الاختلاف بالنحو الأول ، أي : بالإطلاق والتقييد ، من قبيل قوله ، «صلّ» ، و «لا تصلّ في الحمّام» ، فإنّه في مثله لا تضاد بين الحكمين بحسب عالم المحركية والزاجريّة ، إذ يمكن فعليّة انقداح كلا الداعيين : داعي البعث نحو المطلق ، وداعي الزجر عن المقيّد ، في عرض واحد بلا أي محذور ، فيأمر المولى بالمطلق بداعي المحركيّة ، وينهى عن المقيّد بداعي الزاجرية حينئذ بلا أيّ محذور.