الحصة والأمر بالطبيعة ، لأنّ النّهي عن الحصص يقتضي تعلق البغض بالحصة ، والأمر بالطبيعة يقتضي تعلّق الحب بها مشروطا بترك الحص الأخرى. إذن فبلحاظ عالم الحب ، يكون الحب ساريا من الطبيعة إلى الأفراد بنحو مشروط ، وإن لم يكن كذلك بلحاظ عالم الجعل والحكم ، فيلزم بذلك اجتماع الضدّين ، إذ إنّه كما لا يجتمع الضدان مطلقا ، فكذلك لا يجتمعان مشروطا.
ولا يخفى أن هذا البيان موقوف على تسليم التلازم بين التخيير العقلي والتخيير الشرعي بحسب عالم الحب ، أيّ : على تسليم إرجاع كون الحب المتعلق بالطبيعة إلى كل فرد من أفرادها مشروطا بعدم الأفراد الأخرى.
وهذا التلازم ، وإن لم يبرهن أحد عليه ، ولكن مع هذا ، لا يستطيع أحد إنكاره ، لأنّه وجداني ، فمثلا : من يعطش فيشرب الماء ، لا يقال له : إنّ حبك متعلّق بصرف الوجود للماء ، فما شربته من الماء ليس هو المحبوب لك ، بل هو مصداق له ، فإنّ مثل هذا الكلام ينكره الوجدان ، وإن لم يمكن دعمه بالبرهان.
ومعنى هذا أنه بلحاظ عالم الحب والبغض ، يلزم دائما من التخيير العقلي تخيير شرعي.
وعليه فلا يمكن اجتماع الأمر بمطلق الصلاة ، مع النّهي عن الصلاة في الحمّام ، كما تقدّم وعرفت في البيان الثاني.
فالاختلاف بين مركزيّ الأمر والنّهي بالإطلاق والتقييد لا يرفع ملاك التضاد.
وعليه فهذا البيان تام في إثبات الامتناع.
وأمّا الاختلاف بالنحو الثاني وهو الاختلاف بين مركز الأمر والنّهي من ناحية تعدد العنوان من قبيل. قوله : «صلّ» ، و «لا تغصب» فيما لو أضطر