بل نصعّد هذا النقض فنقول : بأننا حتى لو سلّمنا بأنّ الحكم يعبر من العنوان إلى المعنون الخارجي ـ وقطعنا النظر عمّا يلزم من محاذير ولوازم باطلة ـ فإنّ غاية معناه : أنّ الذهن يجعل العنوان وسيلة لصب الحكم على المعنون بمقدار ما يرى المعنون بالعنوان.
وحينئذ يقال : إنّ جواز الاجتماع على هذا ، لا يحتاج إلى فرض تعدد المعنون في وجوده الخارجي ، وإنّما يكفي تعدّد المقدار المرئي من المعنون بكل من العنوانين سواء أكان وجوده متحدا مع المرئي بالعنوان الآخر ، أم لم يكن كذلك ، لأنّ الذهن إنّما يرى المعنون بمقدار ما يحكي عنه العنوان لا بمقدار ما هو موجود من المعنون خارجا ، وذلك لأنّ المرآة إنما تكشف ذا المرآة بقدر المرآة ، لا بقدر ذي المرآة الخارجي ، ولذا لو كان ذو المرآة خارجا أكبر حجما من المرآة ، فلا يرى ذو المرآة بتمام حجمه الخارجي. هذا من دون فرق بين هذه العناوين الذاتية ـ نوعية كانت أم جنسية أم فصلية ـ والعناوين الانتزاعيّة ، كالفوقيّة ، والتحتية لأنها هي أيضا حيثيات واقعية في خارج الذهن ، وإن لم تكن من سنخ الوجود كما ستعرف تفصيله.
والخلاصة هي : إنّ الذهن يرى المعنون بواسطة العنوان ، إذن فلا محالة يرى المعنون حينئذ بقدر ما يحكي عنه العنوان ، ولا يراه بتمام حجمه الخارجي.
ومهما كان ، فقد ذهب المحقق الخراساني «قده» إلى أنّ المجمع واحد مهما تعدّد العنوان ، لأنّه يمكن انطباق عناوين متعددة على وجود واحد ، وقد يكون هذا الوجود الواحد بسيطا من كل الجهات كالواجب تعالى. إذن فمجرد تعدّد العنوان لا يوجب تعدّد المعنون. وعليه : ذهب هذا المحقق العظيم إلى عدم جواز الاجتماع.
إذا اتضح ذلك فنقول : إنّ العناوين تنقسم الى قسمين :
١ ـ القسم الأول ، هو : العناوين الذاتية.