الاختلاف بين مركزيّ الأمر والنّهي بالإطلاق والتقييد الذي هو النحو الثاني ـ هو جواز اجتماع الأمر والنّهي ، ثم ذكرنا للقول بجواز الاجتماع تحفظات ، وقد ذكرنا في التحفظ الأول : إنّ القول بالجواز إنما هو إذا لم يكن الواجب عباديا.
وأمّا إذا كان عباديا فلا نقول بجواز الاجتماع ، وعدم قولنا بجواز الاجتماع ليس لغائلة التضاد ، إذ إنّها مرتفعة بتعدد العنوان ، كما عرفت.
وإنّما لا نقول بالجواز لأنّ مثل هذه العبادة لا يمكن التقرب بها للمولى ، كما عرفت تحقيقه ، وهذا إنما يتم فيما لو كان متعلق الأمر والنّهي هو نفس الحركة الصلاتية ، بحيث لم يكن تعدد العنوان موجبا لتعدد المعنون.
وأمّا إذا كان تعدد العنوان موجبا لتعدد المعنون ، فحينئذ يكون متعلق الأمر غير متعلق النّهي ، وحينئذ لا تكون الصلاة المأتي بها في الغصب مبغوضة للمولى فتقع صحيحة.
ومن هنا كان لا بدّ أن نبحث في أنّ تعدد العنوان هل يوجب تعدد المعنون خارجا ، أو لا يوجبه؟.
وقد عرفت أنّ المحققين الأعاظم : الخراساني والنائيني والخوئي قد بنوا القول بجواز الاجتماع على كون تعدد العنوان موجبا لتعدد المعنون. وهنا يقع بحث آخر حيث يقال : بأنه لو سلّمنا بأن تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون ، فهل أنّ هذا المسلك هو أوسع في النتيجة من المسلك الذي بنينا عليه جواز الاجتماع ، أو لا؟.
ومن أجل ذلك وغيره ، كان لا بدّ وأن نبحث في أنّ تعدّد العنوان هل يوجب تعدد المعنون ، أو لا؟ حيث يتضح من خلال هذا البحث ، حقيقة الخلاف الذي وقع بينهم في تطبيق ما ذكروه من القاعدة الكليّة التي اتفقوا عليها ، والتي قد عرفت عدم تماميّتها.