المرجح الثاني ، من مرجحات باب التزاحم هو : تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل.
وقد قرّب المحقق النائيني «قده» مرجحيّة هذا المرجح (١) بدعوى ، أنّ الخطاب الذي يكون لمتعلقه بدل يعتبر أنّه لا اقتضاء له بالنسبة لمتعلقه بالخصوص ، وذلك لإمكان التعويض عنه بالبدل ، والخطاب الذي لا يكون لمتعلقه بدل ، يكون مقتضيا لإيجاد متعلقه بالخصوص ، لأنّه لا بديل له.
ومن الواضح أنّ ما لا يكون له اقتضاء ، لا يزاحم ما له اقتضاء.
إذن فلا بدّ من تقديم ما له اقتضاء على ما ليس له اقتضاء ، فلو أنّه وقع التزاحم بين الأمر بالوضوء ، والأمر ببذل الماء لحفظ النفس المحترمة ، فمن الواضح أن يقدم أمر حفظ النفس المحترمة ، لأنّه لا بدل له ، على الوضوء ويكتفى بالطهارة الترابية ، لكونها بدلا طوليا للوضوء.
وهذا الكلام إنّما يتم في البدل العرضي ، لا الطولي ، فإنّ البدل تارة يكون عرضيا كما لو فرض ، أنّ أحد الخطابين كان مرجعه إلى وجوب تخييريّ بين الصلاة والصدقة ، وكان الخطاب الآخر مرجعه إلى وجوب تعييني متعلق بالإزالة ، وحينئذ لو تزاحمت الصلاة مع الإزالة فإنّه هنا لا إشكال في تقديم الإزالة لعدم وجوب تعييني للصلاة ، إذ الواجب في خطاب الصلاة هو : الجامع بين الصلاة والصدقة ، وفي هذا الخطاب يمكن حفظ هذا الجامع بواحد من فرديه ، إذ يستطيع أن يزيل وأن يتصدق مثلا ، إذن فلا يتزاحم الجامع مع الإزالة ، بل هذا خروج عن باب التزاحم موضوعا ، لأنّ ما هو الواجب ، بحسب الحقيقة ، إنّما هو الجامع بين المبدل وبدله العرضي ، والجامع لا يزاحم الواجب الآخر. إذن فلا مسوغ للإشكال.
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الخوئي : ج ١ ص ٢٧٢ وفوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ـ ١٩١ ـ ١٩٢