التكوينية الواقعية ، فإذا كان يمكن اجتماعهما عقلا بلا محذور ، إذن سوف لا يرى الإنسان العرفي بوجدانه أيّ مانع من اجتماع الأمر والنّهي على شيء واحد ذي عنوانين ، محبوبا بأحدهما ، ومبغوضا بالآخر ، وليس معنى هذا إلّا جواز الاجتماع عرفا كما هو جائز عقلا.
* التنبيه الثالث :
وهو قد عقد للتفرقة بين مسألة الاجتماع ، ومسألة اقتضاء النهي لفساد العبادة وعدمه ، حيث أنّه قد يتوهم رجوعهما إلى مسألة واحدة ، باعتبار أنّ البحث هنا ، في أنّ النّهي عن العبادة هل يقتضي فسادها أم لا ، يرجع إلى أنّ النّهي عن العبادة هل يقتضي بطلانها؟ بمعنى عدم كونها مصداقا للمأمور به ، أم لا؟
ومعنى البحث في المقام عن إمكان اجتماع الأمر والنهي وعدمه ، هو : إنّ النهي عن شيء هل يوجب زوال الأمر عنه حتى لا يكون مصداقا للمأمور به ، أم لا؟
ومعنى هذا ، رجوع البحث في المسألتين إلى ما بحث عنه في مسألة اجتماع الأمر والنّهي.
وأول من حاول التفرقة بين المسألتين هو صاحب القوانين «قده» (١) ، حيث ذكر أنّ المسألتين متغايرتان لتغاير موضوعهما ، إذ إنّ موضوع مسألة أنّ النّهي هل يقتضي الفساد أم لا ، هو أن يكون هناك طبيعة واحدة ، تعلّق الأمر بمطلقها ، والنّهي بمقيدها ، كالأمر بالصلاة ، والنّهي عن الصلاة في الحمّام ، أي : يكون عندنا أمران بينهما عموم وخصوص مطلق ، فيتعلق الأمر بالأعم ، والنّهي بالأخص.
بينما موضوع مسألة الاجتماع ، هو ما إذا كان عندنا عنوانان ، بينهما
__________________
(١) قوانين الأصول ـ المحقق القمي : بحث الاجتماع ص ٧٧.