«صلّ ، ولا تغصب» ، لا يكون كل من هذين الخطابين نافيا لمبادئ الطلب في الآخر ، حيث لا منافاة بين محبوبية الحركة الصلاتية ، ومبغوضيّة الحركة الغصبية ، فيكون الملاك في كل منهما تاما. فإذا تصادقا في مورد ، كالصلاة في الدار المغصوبة ، يقع التزاحم بين ملاكيهما ، ولا يقع التعارض بين ملاك الأمر بالصلاة وملاك النّهي عن الغصب ، بناء على الامتناع.
وبعبارة أخرى يقال : إنّ الأمر بالمجموع من الحركة والصلاتية ، يدل على وجود الملاك في هذا المجموع ، وكذلك فإنّ النّهي عن المجموع من الحركة والغصبية ، يدل على وجود الملاك في ترك هذا المجموع ، إذن فلا يتعارض ملاك الأمر بالصلاة ، وملاك النّهي عن الغصب ، بناء على الامتناع ، لأنّ ترك المجموع من الحركة والغصبية ، يختلف عن المجموع من الحركة والصلاتية ، ولكن يدخلان في باب التزاحم بلحاظ ملاكيهما.
ومن ثمّ قال المحقق العراقي : إنّ هذا هو السر في تفريق مورد الاجتماع عن غيره ، حيث قالوا : إنّ غير مورد الاجتماع من باب التعارض المحض كما عرفت ، بينما قالوا إنّ مورد الاجتماع من باب التزاحم إذا قيل بالامتناع.
إلّا أن ما أفاده المحقق العراقي «قده» ، فيه مواقع للنظر :
١ ـ الموقع الأول : هو إنّه يرد عليه نفس الإشكال الأول الذي ورد على المحقق الأصفهاني «قده» ، لأنّ ما أفاده العراقي «قده» مبنيّ على عدم تبعيّة الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية في الحجية ، وقد عرفت تبعيّتها لها.
٢ ـ الموقع الثاني : هو إنّه بعد الغض عن الأول ، يبقى الإشكال الثاني واردا عليه ، والوجه في ذلك هو : إنّ كلام المحقق العراقي «قده» مبنيّ على مقدمة ، حيث فرض فيها أنّ لكل دليل أربعة مداليل ، وقد أوقع التعارض بين المدلول الرابع والثالث لكل من الدليلين ، وبذلك دفع الإشكال الثاني.
إلّا أنّ التحقيق هو : إنّ المدلول الرابع الذي جعله مكشوفا إنّيا