القائل بعدم تبعيّة الدلالة الالتزامية للمطابقيّة في الحجيّة ، هو أنّ الراوي كأنّه في قوله ، «صلّ» ، شهد بشهادتين : إحداهما بالمدلول المطابقي ، وهو الوجوب ، والثانية : بالمدلول الالتزامي وهو الملاك ، وكذلك بالنسبة لقوله «لا تصلّ» ، فقد شهد أولا بالحرمة ، وثانيا بالملاك ، وفي مثله ، التعارض السندي واضح ، لأنّ التعارض واقع بين المدلولين المطابقين ، وهذا التعارض يسري إلى السّند ، فيرجع للمرجحات السّنديّة ، هذا إذا كان مقصود القائل بعدم التبعيّة أنّ الراوي في قوله : «صلّ» شهد بشهادتين ، وكذا في قوله «لا تصلّ».
وقد يكون مقصوده بعدم التبعية أنّه يثبت بشهادة الراوي أمر واحد ، وهو شخص هذا الكلام ، أعني «صلّ» ، ولكن كلام «صلّ» له دلالتان : إحداهما مطابقية ، وأخرى التزاميّة ، وفي مثله ، لا تعارض في السند ، لأنّه ليس عندنا إلّا سند واحد ومتن واحد ، قد أثبته ذلك السند ، غاية الأمر ، أنّ هذا المتن له مدلولان : مطابقي وقد سقط بالمعارضة ، والتزامي لا يزال ثابتا.
وبذلك اتضح أنّ الصحيح هو الرجوع إلى المرجحات السّنديّة من دون تفصيل بين ما إذا أحرز الملاك من إطلاق الخطاب بالدلالة الالتزامية مثلا ، أو من الخارج.
* التنبيه السادس :
وقد عقد هذا التنبيه لبيان إمكان تصحيح الامتثال بإتيان المجمع ، بناء على الأقوال والاحتمالات في مسألة الاجتماع ، فنقول :
إمّا أن نلتزم بامتناع الاجتماع ، أو بإمكانه.
فإذا التزمنا بامتناعه ، وقدّمنا جانب الأمر ، فلا إشكال في صحة الامتثال بالمجمع وأجزائه ، باعتبار كونه مصداقا للمأمور به ، من دون أن يفرق فيه بين علم المكلّف بحيثية الحرمة المغلوبة وعدمه ، وبين كون