هذا إذا كانت الحرمة معلومة.
وأمّا إذا لم تكن الحرمة معلومة : فلا تزاحم لأنّه فرع فعليّة الطرفين.
وعليه : فيبقى إطلاق الأمر على حاله ، فتصح العبادة بهذا الأمر ، إذن ، فاختلاف هذا الوجه عن سابقه ، إنما هو في تفسير عدم إمكان التقرب بالملاك.
ومن هنا سلم هذا الوجه عن الإشكال الثالث الذي ورد على الوجه السابق ، ويبقى الإشكالان ، الأول والثاني ، واردين عليه.
ـ الوجه السادس ، وهو : مبني على القول بجواز الاجتماع بالملاك الأول للقول بجواز الاجتماع ، وهو أنّ الأمر متعلق بالطبيعي ، ولا يسري إلى الحصص ، وإنّ النّهي متعلق بالحصة ، ولا يصعد إلى الجامع ، وبناء على هذا صحّ الاجتماع ، وحينئذ يقال : إنّ المجمع ـ على هذا المسلك ـ يكون مصداقا للواجب ، ويقع صحيحا إذا أتى به على وجه عبادي. وهذا إنما يتم إذا لم تكن الحرمة واصلة ، وأمّا إذا كانت الحرمة واصلة : فلا يمكن الإتيان به على وجه عبادي ، لأنّه قبيح بحكم العقل. وهذا أحسن وجه تخرّج به فتوى المشهور بناء على هذا المسلك.
ـ الوجه السابع : وهو مبنيّ على القول بجواز الاجتماع بالملاك الثاني للجواز ، وهو : إنّ مجرد تعدد العنوان يكفي لرفع غائلة الاجتماع. ويبنى على أنّ المجمع هو واحد خارجا له عنوانان ، ويبنى أيضا على أنّ المقربية والمبعديّة من شئون الوجود الخارجي لا العناوين. فبناء على جميع ذلك يقال : إذا كانت الحرمة واصلة ، فلا يقع المجمع مقربا لقبحه ، باعتبار أنّه موجود ، واحد ، ويشتمل على الحرام. وأمّا إذا لم تكن واصلة ، فلا قبح فيه ، فيكون حينئذ مقربا ، ويقع صحيحا.
وفرق هذا الوجه عن سابقه : إنّه قد فرض في هذا الوجه ، كون تعدد العنوان موجبا لجواز الاجتماع ، لا لإمكان المقربيّة والمبعديّة في المجمع ، وإلّا لما كان هناك فرق بينه ، وبين سابقه.