خطاب «لا تغصب» مقيّدا لخطاب «صلّ» ، حال التعارض فيقيّده بالصلاة في المكان المباح ، فينتج عندنا حينئذ خطاب أحدهما ، «لا تغصب» ، والثاني ، «صلّ» في المكان المباح ، وكلا هذين الخطابين ، يمكن امتثالهما قبل الدخول في الغصب ، إلّا أنّه بعد الدخول بسوء الاختيار ، يكون المكلّف مضطرا للغصب بمقدار الخروج ، وبذلك يسقط خطاب «لا تغصب» سقوطا عصيانيا بسبب هذا الاضطرار الذي كان بسوء الاختيار ، كما أنّ خطاب «صلّ» ، في المكان المباح ، يسقط لعدم القدرة على الصلاة في المباح ، بناء على فرض الكلام. وعليه : فيسقط هذا الخطاب سقوطا عصيانيا ، هذا هو مقتضى القاعدة.
إلّا أنّه قام الدليل الخاص ، وهو الإجماع ، على أنّ الصلاة لا تترك بحال ، وعليه ، فلا بدّ من الإتيان بالصلاة حال الخروج ، وتقع صحيحة ، لأنّها مأمور بها ، ومن هنا ، التزم غير واحد بانتفاء المبغوضيّة عن هذه الصلاة ، وعلّلوا ذلك بوجهين :
الوجه الأول : وقد ذكره الخوئي «قده» (١) حيث ذهب إلى انتفاء المبغوضيّة ، باعتبار أنّه لو كانت المبغوضية ، لما أمكن التقرب بهذه الصلاة ، لأنّ المبغوض لا يعقل التقرب به ، وإذا لم يمكن التقرب بها لا تقع صحيحة ، والمفروض أنّ هذه الصلاة تقع صحيحة ، إذن فلا بدّ من الالتزام بانتفاء هذه المبغوضية.
إلّا أنّ هذا الوجه غير تام ، إذ قد عرفت إمكان التقرب بالمبغوض ، وذلك لأنّ بديل الفعل المبغوض الممكن فعلا ، إن كان أشدّ منه مبغوضيّة ، فحينئذ ، يتقرب بالمبغوض الأضعف ، وقد عرفت تحقيقه سابقا.
ومقامنا من هذا القبيل ، لأنّ الأمر يدور بين الغصب المجرد ، أو الغصب المقارن للصلاة ، والثاني أخفّ مبغوضيّة ، فيكون وقوعه أحسن لحال المولى ، وهذا هو معنى التقرّب.
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الخوئي : ج ١ ص ٣٨١ ـ ٣٧٣.